خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً
٢٣
إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً
٢٤
-الكهف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } ان الله سبحانه اعلم نبيه وادب حبيبه فى منازل العبودية ومشاهد الربوبية بمحو الوجود عند وجود القديم الازلى وان يرى الكل قائما بالله فى مقام التوحيد مع الكل فى غير الجمع بائنا عن الكل فى افراد القدم عن الحدوث وهو محض التجريد والتفريد وقطع حدود علوم الخليقة عما فى المشية الازلية فاعلم معنيين اثبات الكسب وسبق التقدير وابهم اسرار المشية على الكل فى بيان الاستثناء بقوله { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } قال بعضهم لم يطلق لرسوله صلى الله عليه وسلم ان يخبر عن الحق الا بما اخبره الحق ولم ياذن له فى الاخبار عن نفسه الا عن مشية ربه فقال ولا تقولن لشئ الخ ثم بين سبحانه ان من شاهد نفسه فى مشاهدة الحق حيث طوى عليه احكام رسوم الاكتساب من جهة الامر ولم يسقط شهود نفسه وكسبه فقد نسى الحق بقوله { وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } فان قوله واذكر ربك عقيب قوله ولا تقولن لشئ انى فاعل يدل على ذلك اى اذا شاهدت نفسك فقد غبت مشاهدة ربك فاذكره اى شاهده مشاهدة تغيب فى مشاهدة عن مشاهدتك نفسك وايضا واذكر ربّك اذا كنت متصفا متحدا بربك حين يغلب عليك سر الانانية فاذا ذكرت ربك فى مقام الانانية خرجت من حد الخداع والتلبيس الصادرين من مكر القدم واذا ذكر قدمه بان عدمه واذا بان عدمه تلاشى الحدث فى القدم ولم يبق الا القدم ويتبين امر العبودية عند الربوبية وايضا واذكر ربّك اذا غبت فى مشاهدت المذكور حتى يتخلص من غمار الفناء فى الوحدانية ويبقى ببقاء الحق ورؤية الابدية فانّك ان لم تذكر ربك ولم يرجع من رؤية مذكورك الى ذكره تفنى فيه ولا تدرك حقائق وجوده فان السكران الفانى لا يظفر بما يظفر الصاحى المتمكن وايضا فاذكر ربّك اذا نسيت حظك من مشاهدته وغيب عن شهوده عليك حتى فصل بالذكر الى رؤية المذكور وايضا واذكر ربك اذا نسيت ذكرك له فان رؤية الذكر فى رؤية المذكور نسان المذكور بالحقيقة وايضا فاذكر ربك اذا نسيت الكون والحدوثية فان ذكره لا يكون ذكرا حقيقيا الا بنعت فناء ما دونه فاذا فنى الحدث فى القدم صار الذكر صافيا وايضا واذكر ربك اذا نسيت ما وجدت منه فان الوقوف فى المقامات حجاب ذكر الحقيقة وايضا واذكر ربك اذا نسيت نفسك فان فى رؤيتك وجودك وبقاء وجودك لا يكون الذكر بحقيقة الانفراد ورسم افراد القدم على حدوث ثم امره سبحانه ان يخاطب اهل السر من المعرفة بترجية وصول ادنى الدنو واعلى العلو بقوله { وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً } كان عليه السّلام اقرب الخلق من الله بنفس المعرفة والاصطفائية الازلية لكن كان مع محله وشرفه فى حيّز حقائق المعرفة قطرة فى بحر الازلية فامره الحق ان يسأل منه مزيد ما فيه من طرق حقائق عرفان الازلية واقرب ما يكون فيه من وصول الوصول فان الحق غير متناه من جميع الوجوه قال ابن عطا اذا نسيت نفسك والخلق فاذكرنى فان الاذكار لا تمازج ذكرى قال الجنيد حقيقة الذكر فناء الذاكر فيه والذكر فى مشاهدة المذكور قال الشبلى ما هذا خطاب اهل الحقيقة وانى ينسى المحق الحق فيذكره بل يذكر حياته وكونه وانشد

لا لانى انساك اكثر ذكراك ولكن بذاك يجرى لسانى

وقال الجنيد حقيقة الذكر الفناء بالمذكور عن الذكر لذلك قال الله واذكر ربك اذا نسيت اى اذا نسيت الذكر يكون المذكور صفتك وقد وقع لى نكتة ههنا قال تعالى واذكر ربك اذا نسيت الذكر حق جميع الذات والصفات ولا نهاية لهما وذكر جميعهما واجب الحقوق على الخلق والصفات القديمة والذات الازلى غير مذكور بذك رالحدثان كانه تعالى اعلم نبيه صلى الله عليه وسلم ان جميع ذكره ما بلغ الى وصف ذرة من صفته فكل وقت مع جميع ذكره فى حد النسيان حيث لا يبلغ ذكره حقائق القدم قال واذكر بعد ذكرك ولا تفتر عن ذكرك فان ذكرك على السرمدية واجب ابدا لان بعد كل ذكر نسيان عن الباقى فاذا لا ينقطع الذكر ابدا يدل على ما ذكرنا قوله تعالى قل عسى ان يهدين ربى لاقرب من هذا رشدا بمعرفتى معرفة المذكور بنعت مشاهدته ورؤية ذاته وصفاته بوصف فنائى وفناء ذكرى فيه قال الجنيد ان فوق الذكر منزلة هو اقرب رشد من ذكره له وهو تجديد للنعوت بذكره لك قبل ان يسبق الى الله بذكره وايضا لى نكتة فى الذكر اى واذكر ربّك اذا نسيت فانك اذا ذكرته بلسان الحدثية نسيته وان اردت ان تذكرنى بالحقيقة التى لا نسيان فيها ولا فترة فاتصف بصفتى ثم اذكرنى بصفتى حتى يصل ذكرك الى بالحقيقة.