خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً
٨٤
-الكهف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } اخبر سبحانه عن ذى القرنين عليه السّلام انه اعطاه خلقة قدرته والبسه تمكين فعله حتى سهل له قلب الاشياء وكان يفعل ما يشاء بالله ويحكم بحكمه ما يريد وكان مجمع عين الجمع من حيث نور تجلى الذات والصفات والفعل فيه ومعنى آتيناه من كل شئ سببا من كل ما فى الملكوت السفلى له برهانا وحكمة وعلما ومعرفة بالله وسببا الى قرب الله من ان ذلك الشئ له ك ان مرآة الحق يرى فيها علوم الغيبية وحكم القدرية ويبلغ بها الى معادنها من اسرار الازلية فكان مقامه تدريج الترقى من عالم الفعل الى عالم الصفة ومن عالم الصفة الى عالم الذات ولو كان على محل تحقيق الكلى لما احاله الحق الى الاسباب من الاشياء الحدثان التى هى وسائط الحكمة واخرجه من الاشياء الى معدن الاصل وهو دنو الدنو كما فعل بحبيبه عليه السلام حيث اخرجه من الحدثان وافرده من جميع الاسباب وبلغه الى حقيقة الحقيقة حيث شاهد الحق بالحق وفنى الكل فيه ولم يصرف طرفه الى الغير حيث لا حيث ولا غير وهذا وصف قول الله سبحانه وتعالى دنا فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى وقال ما زاغ البصر وما طغى قال ابن عطا فى قوله انا مكنا له جعلنا الدنيا طوع يده فاذا اراد طويت الارض واذا احب انقلبت له الاعيان واذا شاء مشى على الماء واذا هوى طار فى الهواء وكذا من اخلص سريرته مكناه من مملكتنا ينقلب فيها كيف يشاء فمن كان للملك كان الملك له وقال جعفر ان الله تعالى جعل لكل شئ سببا وجعل الاسباب معانى الوجود فمن شهد السبب انقطع عن المسبب ومن شهد صنع المسبب امتلاء قلبه من زينة الاسباب واذا امتلاء قلبه من الزينة حال بينه وبين الملاحظة وحجبه عن المشاهدة.