خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُواْ كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي ٱلْمَهْدِ صَبِيّاً
٢٩
-مريم

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ } بين الله سبحانه ان مريم علمت بنور الحق نطق عيسى قبل نطقه وعرفت بالهام الله انه نبى مرسل لان عيسى تكلم في بطنها بتوحيد الله سبحانه وعلمت ان براءتها من مقالة القوم في نطق ابنها وهذا غاية حسن اليقين وسماع الهام الحق بلا واسطة ولما علمت بشأن عيسى امنت برسالته وعظمته حين اشارت اليه بانه اهل مكان علم الله ومن معه معجزته ولا يجوز عند الكبراء جواب السوال فهذا من كمال ابدها في حضرة عيسى ومن ههنا اشارة العارفين الى كبرائهم عند حاجتهم بفهم الحقائق قال ابن عطا فاشارت اليه في الظاهر لتعليم القوم وصدقها فيما تقول فانطق الله عيسى ببراءتها قيل ان احسن اشارات العارفين في اوقات الاضطرار حين لا يتشتت الهمة على الرجوع الى الحق وقال ابن عطا اشارت الى الله ولم يفهم القوم اشارتها فانطق الله عيسى بالبيان قال انى عبد الله اي انطقه بهذا النطق الذى اشارت مريم واظهر ربوبيته في تكلمه وقال بعضهم اشارات الى الله بسرها والى عيسى بنفسها فانطق الله عيسى ببراءتها فيما رسمت به وبراءة نفسه فيما يدعى فيه ولى رمز ههنا لما اراد سبحانه ان ينطق عيسى بكلمة التوحيد واقراره بالعبودية امراتها بالصمت لان لسان مريم لسان الظاهر لها ولسان عيسى لسان باطنها فاذا اسكت ظاهر ما نطق لسان باطنها بقدرة الله وتأييده الازلى ولهكذا شان العارفين اذ اسكمتوا بالظاهر تنطق السنة ارواحهم ينطق الغيب الالهي لذلك.