خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَٰحِدَةً فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا ٱخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَٰتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٢١٣
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ كَانَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } يعنى فى ميثاق الاول حين خاطبهم الحق سبحانه وتعالى جل سلطانه بتعريف نفسه لهم حيث قال الست بربكم قالوا بلى كانوا امة واحدة فى اقرابهم بروية خالقهم والزام عبودتيه على انفسهم لما راوا من عظم برهانه وشارهد سلطانه وما سمعوا من عجائب كلامه وما ادركوا من انوار قربه وصفاته وذلك الجميعة قبل ان يبتليهم الله بالعبودية فلا اختبرهم ببلايا العبوبدية الى الدنيا ففترقوا جميعا فاهل الصفوة ساعدهم التوفيق فبقوا على المشاهدة والقربة وادراك انوار الصفوة ثابتين فى دفع حطام الدنيا عن جمال اسرارهم مع سيدهم مستقيمين فى خدمته بلا طلب الاعواض من الكرامات مقصدين فى سلوك المعرفة والمحبة فانزل الله سكينته فى قلوبهم ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم فلا جرم ما زاغوا عن طريق الاستقامة وما زاغوا عن مشاهدة الحبيب الى حضرة الدنيا وشهوتها وما باعوا كرامة الحق بالدنيا الدنية رجال صدقوا ما عاهدوا والله عليه فمنهم قضى نخبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تدبيلاً واما اهل الخذلان فاوبقهم الحق فى ظلمة هواء نفوسهم حتى استاثروا الدنيا على الاخرة ونسوا عهد الله ونزلوا على مارد الهوى وتكروا نعيم الرضا ومالو عن طريق الهدى الى مضلة الضلال ودول الجهال ايضا كانوا بعد كونهم من العدم جلة فى غيبة من الحق قبل خطاب الحق معهد وكشف قربه لهم فاذا اكشف الله عنهم حجب الانسانية واراهم مشاهدة القربة فتفرقوا جميعا فى شعب المعارف والكواشف فبعضهم صادقوا حقائق المقامات فوقفوا بها على شرط العبودية وبعضهم صادقوا الطائف الحالات فبقوا فيها منعمين بمشاهدة الربوبية وبعضهم نالوا خصائص الكرامات المعجزات فشاهدوها بشرط اداء الامانة وبعضهم ادركوا صرف المشاهدة من الحق جل كبر ياؤه فتاهوا فى وادى العظمة وطاروا فى هاء الهوية وساروا فى فقال الديمومية واما اهل الحرمان فصادقوا فى اول نهوضهم من زمرة الوحدة مهالك القهريات فغابوا فى شعاب الضلالات فبعضهم تهودوا وبعضهم تنصروا وبعضهم تزندقوا وبهذا جف القلم الى اليوم القيمة ليس لهم فى الايمان والخذلان اكتساب لانه اختيار الله الذى قد سبق لهم فى العدم وختم به القضاء ومن ههنا تفرقت القلوب وتشقها عن الموبقات لان الارواح جنود مجندة.