خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ
٢٧٢
لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
٢٧٣
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } قطع اسباب الهداية من المعاملات والشفاعات عن قلوب اهل الولايات واضاف كلايتهم الى نفسه بانه هاديهم { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } اى لانفسكم ---- ومقامات المجاهدات بصوركم والى من اعمال قلوبكم من --- ---- واحتراقها بنيران الاشواق كما قال عليه السلام حاكيا من الله عز وجل "كل عمل بان ادم له الا الصوم فانه لى وانا مجازيا به" وايضا لانفكسم ------------------ عليكم لا باعمالكم لان خاصية الفضل لى لا يدخل فيه على العبودية قوله تعالى { لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذين حسبوا انفسهم عن الميل الى غير الله فى مجلس مراقبة الله ناظرون من الله الى الله وراضون بقضاء الله فى مراد الله صابرون فى بلاء الله محتسبون لله فى مجاهدة انفسهم لا ينقضون عهود ميثاق الازل الى الاجل اى للذين وصفهم الله تعالى --- نفوسهم عن التعرض الى غير الله بالرمز والاشارة واسوال غيره على احوالهم وصونا لاسرارهم ومراعات حقيقة فقرهم وعفة فى مجاهدتهم خدمة اهل الدنيا ببذل المال والانفس ليلا ونهارا { لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ } اى لا تيفرقون عن مجالستهم ومراقبتهم من قوة الحال وغلبة الذكر عليهم واشتغالهم بمشاهدة سيدهم وشدة محبتهم وكثرة عشقهم وحقيقة يقينهم بربهم لطلب معاشهم وحوائجهم لانه قد غلب عليهم صحة التوكل وحسن الرضا وحقيقة التسليم وهم كانوا يقوضون جميع امورهم الى الله ويسكنون بقصده لانه منان اوليائه واهل --- اهل الثناء والمغفرة بحفظ اوقاتهم عنا لخطرات والزلان { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } لانهم لا يتملقون عند ابناء الدنيا بكلام اللين واظهار التقشف ولا يظهرون احوالهم لاجل الرياء والسمعة شفقة باحوالهم مع شدة افتقارهم الى الله وصف الجاهل بقلة المعرقة باحوالهم لان العالم يعرفهم بنور العلم والايمان { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ } بشارة مشاهدة الحق فى وجوههم وبهجة نور المعرفة فى قلوبهم لان الله تعالى اسبل على وجوههم نقاب سناء الصفات والبس حبباهم نور جمال الذات اى تعرفهم بهذه الصفات لانهم الاتقياء الاخفياء الذين لا يركنون الى الخلق بسبب الدينا وزينتها ولذتها وانهم من اهل المحبة الذين يبتلون بانواع البلايا وهم صابرون محتسبون لله وفى الله { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } اى لاينبسطون الى اهل الدنيا ولا يبغن حظوظ انفسهم من الخلق ولكن ينبسطون الى الاخوان فى الله تلطفا بهم وتعطفا عن ----- الى مالوفات الطبع والهوى وايضا للفقراء الذين احضروا فى سبيل الله وصف الله تبارك وتعالى اهل حقائق المعرفة ونعتهم بالفقراى انهم حبسوا فى صحراى التوحيد وفيه التقديس باصفاء التحير والزموهم تراكم لطمات بحار الوحدانية واغرقوهم فى سر العظمة مفتقرون من عين التلوين الى عين التمكين لا يستطيعون من ثقل احمالهم مسيرا من الحيرة الى روية المنة وكشف القربة فى ارض الديمومية والطيران عن اشكال الحدوثية فى اسررا الهوية القدمية وان الله تعالى كشف لهم عن بساط العظمة واراهم نوش صور غب الغيب التى التبس الحق بها بنعت الرضا هن العشاق فيتحيرون بين الرسم والصرف تحيرنا استاصل لباس الحدثية عن انفس ارواحهم فاذا بربهم بهذه السمات من بطنان عجائب الغيب بحسبهم وصبيان الملكوت انهم فى جمال ابسط الديمومية ولا يعرفون شان قبضهم لانهم فى طيب مزمار الاحسان يحتجبون به عن ادراك احوال المحترقين بنيران الكبرياء لكن يعرف من غير وراء الوراء وقطع حجب رسوم العبودية والربوبية انهم مفتقرون الى مشاهدة حسن الحسن ومكاشفة قدم الدقم والجمع بنعت الاتحاد لا يظهرون مع عجزهم احوال تحيرهم لاهل التمكين غيره على اهل الانبساط لكن تحترقون فى الباطن ويستبشرون فى الظاهر هؤلاء مرضى المحبة واسرار المعرفة يلعنهم الله مقام التفرقة بنت الجمع وقيل احصروا فى سبيل الله الذين وفقوا مع الله بهمهم فلم يرجعوا منه الى غيره وقيل لا يستططيعون ضربا فى الارض الا لا تحركون لطلب الارزاق وقال محمد بن الفضل فى هذه الاية يمنعهم علو همتهم عن رفع حوائجهم الا الى مولاهم وقال ابن عطا ويحسبهم الجاهل بحالهم اغنياء فى الظاهر وهم اشد الناس افتقار الى الله تعالى فى الظاهر فاستغنائه فى الباطن وقيل فى تعريفهم بسماهم اى فى تطييب قلوبهم وحسن جالهم وبشاشة وجوههم ونور اسرارهم وحولان ارواحهم فى ملكوت ربهم وقال سهل ان الله عز وجل وصف الفقراء بصفة القدم من حال سوال الافتقار واللجاء اليه ووصفهم بالرضا والقنوع لا استطاعة لهم الا به ومنه ولا قوة لهم من حولهم وقوتهم قد نزع الله منهم بسكون قلوبهم الى غيره والمساكين راجعون الى الاسباب كما وصفهم الله مساكين يعلمون فى البحر فردهم الى حال السكون الى الاسباب لذلك قال بعضهم القر عز والمسكنة ذل وقال عمر والمكى من احب شيئا كان به ضنينا من حب شيئا كان به انيسا ومن احب شيئا كان له اثيرا وقال النصر ابادى الفقير ينبغى ان يكون له قناعة وعفة وتبرز بالقناعة ويرتدى بالعفى لان النبى صلى الله عليه وسلم قال القناعة مال لا ينفذ فاذا كان الفقر بهذه الصفة دخل فى جملة حديث النبي صلى الله عليه وسلم يدخل الفقراء الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام وقال الثورى تعرفهم بسيماهم يفرحون فقرهم واستقامة احوالهم عند موارد البلاء عليهم وقال ابو عثمن تعرفهم بسيماهم بايثار ما يملكون ما الحاجة اليه وقال الجنيد كلت السنتهم عن سوال من تملك الملك فيكف من لا يملكها قال الجنيد وسئل عن الفقير الصدق متى يكون مستوجبا لدخول الجنة قبل الاغنياء بخمسائة عام قال اذا كان هذا الفقير معلا ملا لله بقلبه موافقا له فى جميع احواله منعا وعطاء بعد الفقر من الله بعمة عليه يخاف على زوالها كما يحاف الغنى على زوال غناه وكان صابرا محتبسا مسرور باختيار الله له الفقر صائنا لدينه كاثمار الفقر يظهره الاياس من اليسا مستغنيا بربه فى فقره كما قال الله تعالى للفقراء الذين احضروا والاية فاذا كان الفقير بهذا الصفة دخل الجنة قبل الاغنياء بخمسمائة عام ويكفى يوم لاقيمة مؤنة الموقف وقال الاتساد فى قوله للذين احضروا اى اتخذ عليهم سلطان الحقيقة كل طريق لهم فلا لهم فى الشرق مذهب ولا لهم فى الغرب مشرب كيف ما نظروا راوا سرذوقات التوحيد محدقة بهم كان فجاج الارض ضاقت برحبها على فما تزداد طولا وعرضا.