خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلٰوةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
٣
-البقرة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلْغَيْبِ } ما غابَ عن الابصار منكشفا بنعت الانوار لعيون الاسرار والايمان بالغيب هو تفرس الرّوح بنور اليقين مشاهدة الحق سبحانه وتعدو الايمان بالغيب شوق القلب الى لقاء الربّ وايضاً الايمان تصديق السّرَ الرّوح من مكنون حقائق الغيب بنعت مباشرة حلاوة انكاشف نور الحق في صميم سرّ السّرو اتصار بروقه بطنان القلب وتعريفه اوصاف صفات الحق عقل الكل وايضا الايمان وتصديق القلب بوجدان الرّوح ريوة الربّ جلّ وعلاوة المؤمن هم الذي صدقوا مواعيد الغيوب بعداد لاكهم مواجيد قلوبهم من رؤيتها ومواجيدُ قلوبهم لا يكون الا من رؤية ابصار بصائرهم انوار غيب الغيب وترائى الغيب لا يكون لروح الناطقة الا بعد ان يؤدها الحق بتبين البرَاهين واستكشافه حقائق الاستدلال بشهود الحال رؤية المدلول واستحكام انوار البصيرة فاذا كَمُلت هذه الاوصاف للرّوح ابصُرَتَ صفاء صحارى الغيب وتمكن تحت ركوبهم انوار اليقين وسناء قدس الحق بنعت بروزه في لباس حق اليقين وحيقية حق ايقين لا تحصل بالتحقيق الا بعد انسلاخ السّر عن لاستشهاد والاستدلال فاذا فرغ منها اوصله التائيد الى مراتب الكشوف وايضاح الفرقان واورده صدق تحقيقُ روية الغيب ساحات استبصار عيون النفوس ولاتسغناه بما اَنَس من عجائب جلال المشهود من سَيرانه في عالم الشواهِدِ واذا عاين مكشوفات الغيب ببصر العرفان دَخَل في سُجوفِ ايواءِ عزّ الحقّ واغناءِ الحقّ بوايح البيان عن طلب الماشهدة بالفكر في الحدثان وتَطلع له شموسُ اسرارانوار القَدِم وتَخُلصُه بجمالِها عن اقتباس مصابيح البراهين واذا بَرَق السَرَ بهذه المعانى اشرق له حق الغيب باوصافه فصار السُر والغيب متحداً ويكو السّر غيباً بعينه والغيب سرا بعينه فيغُيَّبُ السّر في الغيب والغيب في السّر وتحصيل هذا العلم ان الغيبَ يصير اهلاً للسّر لا يحوى فوءهُ ابداً وصاحبه في كل حالٍ شاهداً لمشاهدة يرى في جميع الانفاس عالم الملكوتِ وعالم الجبروت وهذا صفةٌ قلب محمدٍ صلى الله عليه وسلم وقال الشبلى لما صَفَتُ اروحُهُمُ وشَرّفَتْ هموهم اشرفوا على اسرار الغيب بعظم اما نَتهم وقال بعضهم الّذين تُصدّق نفوسُهُم ارواحَهم بما ادَّت اليهم من خبر ما شاهدته قلوبُهم بما غيب عن نفوسهم وقال ابو بكر بن ظاهرٍ اشار الحقُّ الى اخلاص عبادة المخلصين باَنّهم بذلوا لمحبوبهم قلوبهم بالايمان والغيب وبَذَلوا نفوسّهُم الخدمة والعبودية بقوله ويقيمون الصلوة وبذلوا ماملكهم فاينجلوا عليه بشئ من ذلك علماً بانّها عوارٍ في ايديهم وهو تعالى المالكُ للها ولهم على الحقيقة بقوله ومِمّا رزقنهم ينفقون وقال الواسطى امنوا بالغيب ولما عاينوا الحق في القيمة علموا حقيقية انّ ما امنوا به بعيدٌ ما شاهَدُونا وقال بعضهم الله غيب وهو مُغيب الغَيْب والقلبُ غيب فاذا امن الغيب مع الححابُ عن الغيب فوجد في الغيب الغيب صاحب الغيب وذلك قوله الذين يؤمنون بالغيب وقال بعضهم الذين يقضون بالغيب في الغيب للغيبُ قال الاستاذ حقيقة الايمان التصديق ثم التحقيق وموجب الامرين التوفيق فالتصديق بالعقد والتحقيق بذلك الجهد في حفظ العهد وفرسان اهل الغيب خمس طوائف النفوسُ والارواح والعقول والقلوب والاسرار ومشاربهم متفاوته فمشرب صرف بلا مزاجٍ ومشرب عذبُ بلا اجاج ومشربُ ملحُ ومشربُ يَقٌ ومشربُ سايقُ ومشرب زنجيل المحَّة ومشرب سلسبيل المعرفة ومشرب تسنيم المشاهدة ومشرب عين المكاشفة وقائدُ التوفيق يقود طائفة السَّعَادة الى مناهل القرية وسائق الخذلان يَسُوق طائفة الشقاو الى موارد الشهود وموارد النفوس التي تَرُدّها اسُنّ المنى واحَسَنُ الهوى ومناهل الشهوات سواحِل نهر الغفلات ومشارب الاروح الت تُرُدها هي سواقى المشاهدات والمكاشفات وعيون القلوب التي تَرُدُّها هي صفاء المعاملات وانوارُ المناجات والانهار التي ترُدّها القعول هي مشاهدة الربوبيّة واردارك نور القربة من مرأة الايات والينابيع التي تُرّدها الاسرار هي عجائب كشوف جمال القِدم وشهودها مشهدا التّوحيد وحقائق حق البروبيّة ومطالع شموس الصفات ومشارق اقمار انوار الذات فالزّهاد اصحاب العقول ومَشُرَبُهم الطاعات والعبادات والهبوبون هم اصحاب القلوب ومشربهُمُ الوجود الحالات العرافون هم اصحاب الارواح ومشربهم المقراقبات والانس والخلوات والموجّدون هم اصحاب الاسرار ومشربهُهُ التفرّد عن الاكوان والتجّرد عن الحدثان والبطالون هم اصحاب النفوس ومشربهم الدَّعاوى والاباطيل والترهت والمزخرفات وقيل الغيب هو الله تعالى وقال بعض العراقين الغيبُ هو مشاهدة الكلّ بعين الحقّ وقال ابو يزيد لا يؤمن بالغيب من لم يكن معه سراج من الغيب { وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاةَ } يراقبون اوقاتَ الصّلوة لاستنشاقِ نفخات الصفات واقامة الصلوة حفظ اداب العبوديّة في جناب الربوبية بنعت الافتقار الى مشاهضدة الملك الجبار لان في الصّلوة قرّة عيون العارفين ومناجاة المحبين ومشاهدة الحق للشائقين وقال ابن عطا اقامه الصلوة حفظ حدودها مع حفظ السرّ مع الله ان لا يختلم بسره سواه { وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ } اي يطلبَوُن قرب الرزّاق بخروجهم عن الارزاق واينماً يتقربون اليه بما نالوا منه وايضاً يتخلَّقون بخلقه في الاكرام والاعطاء وايضاً يتحدّثون بما وَجَدُ وامن انوارالكواشف وكرائم المعارف عند السّالكين الصّادقين وقيل في الامسَاك لذة وفي الانفاق لذة وكلُ ما يَلذ فهو يعبد من عَين الحق وقيل ينفقون مما خصصناهم به من انوار المعرفة يفيضون بركاتها ونورها على مَنْ تَبَعهُم.