خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ
١١٨
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

خاف ----- قبل دخول الجنة ان ينقطع عن لذيذ مشاهدته ووصاله فى الجنة وان يحتجب عن روح الانس والنظر الى جمال القدس وان يعرى عن ثوب عافية الرعاية والكفاية باشتغاله عنه بالجنة هذا قرع سر القدس باب سر سره بان ما يخاف عنه يقع فيه فى ظاهر العلم فاخبره سبحانه انك لا تجوع فى شوقك الى مشاهدتنا لان هناك تستغرق فى بحر وصالنا ولا تعرى عن لباس انوار الاصطفائية فانك ملبس ابد بكسوة الاجتبائية وانت فى ظل عن أيتنا لا يعطس الى مياه الزلقة فانك تكون فى سواتى الوصلة ولا تضحى ولا تخترق فى حرّ شمس الفراق فلما وقع عليه واقعة الامتحان من القدر السابق صار عريانا فى الجنة مما دون الله وذلك انه سبحانه جرب صفيه بالجنة واجرى عليه شهوة الحنطة فلما رأه فى حجاب الامتحان جرده عن الجنان وافرده عن الاكوان والحدثان غيره على سر ما فى قلبه وفيه اشارة أخرى كانه اشار بالسر اى لا تأكل الشجرة المنهية كيلا تجوع ولا تعرفان من خالفنا وقع فى بحر الحجاب وعرى عن سر الماب قال ابن عطا أخر احوال الخلق الرجوع الى ما يليق بهم من المطعم والمشرب الا راى أدم بعد خصوصية الخلقة باليد ونفخ روحه خاص وسجود الملائكة كيف رد الى نفس الطبايع بقوله ان لك الا تجوع فيها ولا ---- قال الواسطى خلق الله أدم بيده ونفخ فيه من روحه واصطفاه على الخلائق ثم رده الى قدره لئلا يعد طوره قال ان لك الا تجوع فيه ولا تعرف وما تعرض لى فى حكم الظاهر ان الله سبحانه قال لأدم فلا يخرجكما من الجنة فتشقى اى لو تخرجا من الجنة بسبب المعصية تتعبا فى الدنيا لاجل المطعم والمشرب والملبس فى الحراثة وغيرها وتجوع فى الدنيا وتعرى وتظمأ وتضحى ولا يكون مثل هذه العقوبات فى جنبى وجوارى كانه خاطب معه من حيث الطبيعة خَوّف نفسه بالجوع والعرى والظمأ فى الهواجر لان النفس لا تفزع الا من مثل هذه العقوبات لئلا تقع فى جوار الحق فى المعصية وان من لطفه وكرمه عاقب أدم فى الدنيا بالمجاهدات الكبيرة بما جرة عليه من المعصية فى الحضرة ويعاقب المجهور فى الأخرة بما جرى عليهم من المعصية فى الدنيا وهذا خاصية له لان عقوبة الدنيا اهون ولولا امتحان الله أدم باكل الشجرة ومثل هذا الخطاب لم يخرج أدم من الجنة ولم تطهر اسرار علوم حقائق قهر مائة لاهل المعارف من الصديقين ولم يقع عنده عذر المذنبين فخاطبه من حيث العبودية الحدوثية ولو خاطبه من حيث الربوبية لطار فى الجنة فى هواء الهوية ولم ير اثره فى الزمان والمكان ولا فى الجنان والحدثان سئل بن عطا عن قصة أدم ان الله عز وجل نادى عليه بمعصية واحدة وسر على كثيرين من ذريته فقال ان معصية أدم كان فى بساط القربة فى جواره ومعصيته ذريته فى دار المحنة فنزلته اكبر واعظم من زلتهم ولما اراد الله ان يخرج من ذريته الانبياء المرسل والاولياء والصديقين ابتلاه باكل الشجرة ففقاه الشيطان حتى يوسوس وهذا من القدر الغيبى كان يوسوس القدر.