خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ
٢١
وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ آيَةً أُخْرَىٰ
٢٢
لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ
٢٣
-طه

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ قَالَ خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } اى عصاك ولا تخف من غيرى قال ما خفت منه فهو انا لا غير قال -----فى قوله وما تلك بيمينك سمع موسى كلاما لا يشبه كلام الخلق فلما سمع ذلك الكلام كاد ان يهيم فمرة اضاف العصا الى نفسه ومرة اجاب عما لا يسال كذلك الهيمان وقال لما غلبت عليه -----الصفات اراد بالحق الى المخلوق ليسكن ما به فقال وما تلك بيمينك اشغله بالاجابة عما يملكه ولولا ذلك لتفسح عنه ورود الخطاب عليه نعته وقال ابو بكر من طاهر فى قوله وما تلك بيمينك انبسط اليه فى السوال ليربط على قلبه لعلمه بما يبدهم فى شهود الكبرياء وقال ايضا احب الله ان ينبسط موسى فى الكلام كيلا يحتشم فى السؤال وقال الجنيد فى قوله عصا ابو بكر عليها فقال له الق كل ما يعتمد عليه قلبك او تسكن اليه نفسك فان الكل محل العلل فان كل ما تسكن اليه ستهرب منه من قليل الا تراه فاوجس فى نفسه خيفة وقال الحسين من موسى منافع العصا على ربه وسكونه اليها وانتفاعه بها فقال القيها يا موسى اى الق من نفسك السكون الى منافعها وقلبها حية لتزول عنه الانس بها فاوجس منها خيفة فقال حين قطعة عنها بالفرار منها خذها وولا تخف وراجع الينا قبل الحكمة فى انقلاب العصا بحية فى وقت الكلام انه جعل أيته ومعجزته ولو القاها بين يدى فرعون ولم يشاهد منها قبل ذلك ما تشاهد لهرب منها كما هرب فرعون حين بدهته رويتما قال فارس فى قوله وهى عصا ذكر كل ما فيها من وجوه المنافع لئلا يكون له معاودة الى ذلك فيستلذ بخطاب سيده وعتابه وقال ابو بكر الوراق فى قوله عصاى جواب والذى بعده ذكر ما انعم الله عليه بالعصا من المنافع فكان بعد قوله عصاى لسان الشكر وقال ابن عطا فى قوله عصاى اضافها بالملك الى نفسه ولم يكن يجب له فى الحقيقة ان يرى لنفسه ملكا بين يدى الحق فلما اضافها الى نفسه قال القها فالقها فاذا هى حية تسعى قال خذها اى خذ عصاك ولا تهرب مما ادعيت فيه الملك لنفسك فخاف وتبرا من اضافتها ملكا الى نفسه فتعطف الحق عليه فقال خذها ولا تخف فانها لن تضرك قال ابن عطا فى قوله ولى فيها ما ------ شراير صغيبة عنى فى العصا غطيته على يد ولى ذلك او ان يكشف لمن الأيات والكرامات وقال جعفر منافع شتى واكثر منفعة لى فيه مخاطبك اياى بقولك وما تلك بيمنك يا موسى قال سهل ذكره موسى من العصا ما رب ومنافع فاراه الله فى عصاه ما رب ومنافع كانت خافية على موسى من انقلاب العصا ثعبانا وضربها بالحجر فى النجاس الماء وضربها بالفجر فانقلب وغير ذلك اراد بذلك ان علم الخلق وان كانوا مؤمنين بالنبوة قاصر عن علم الحق فى الاكوان قال للواسطى فى قوله القها يا موسى اطرح عن نفسك السكون الى العصا والاعتماد عليها وعد المنافع فيها ظلما القاها وخلا منها سره قال خذها الا ان منا على الشرط ان ترانا النافع والضار لا الاسباب وقال ابن عطا القها من يدك فانك اخذتها من غيرنا فعددت فيها اسباب المنافع وخذها منا لنكون ولى نعمتك دون غيرنا وقال الجنيد كان خوف من الله خوف التسليط لا خوف الطبع وقال الواسطى خوف موسى من العصا انه مشاهدها فيه اثر سخطه وقال ايضا راى موسى على عصاه كسوة من سخط الحق ولم يامن من مكره وقال ابن دانيار فى قوله وما تلك بيمينك قال كلام بسط ليزول عنه رعب الهيبة وقال الاستاذ فى قوله القها يا موسى فانك بنعت التوحيد واقف على بساط التفريد فكيف يصح لك ومتى يسلو للشان يكون ---- تتوكا عليه او مستند اليه تستعين به وتنتفع ولما وجد الحق كليمه مستقيما فى محبته وشوقه وتبريه من جميع الاسباب بعد القائه عصاه اراه انوار ملكه وملكوته فى نفسه وما كان فى عصاه من شهود جلاله ظهره من يدة حتى لو من يدة ما راى من عصاه فات فيها العجائب اكثر والغرائب او قولان النقل من رؤية الاشياء الى رؤية مشهد النفس زيادة القربة لان ما يتجلى من الانسان للانسان اثر به ما يتجلى من الكون له الا ترى سبحانه كيف ----- العظمين بقوله ستريهم أياتنا فى الافاق فى انفسهم وذلك معنى قوله سبحانه لكليمه { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } همم يد همتك عن غير شهود كبريائنا ومشاهدة جمالنا تخرج بيضاء متصفة بنور احديتنا مقدسة بقدسنا عن الاكوان والحدثان فيكون بعد ذلك آيات تجلينا بظهور نور تجلة كبريائى من وجهك للعالمين وايضا واضمم يدك الظاهرة الى جنبك الذى فيه قلبك حتى تخرج بيضاء بما فيه من نور نظرنا ومشاهدتنا وايضا فيه مقام الاداب اى واضمم يدك التى تكسر بها الارواح وتاخذ بها راس هروت وركزت القبط من تلك الحركات حتى تكون موضع معجزتنا ولى فيه واقعة كنت يوما حضرت الحضرة فى الخلوة فاخرجتم يد بين يدى الله سبحانه فجرده للدعاء فناء فى هواتف الاسرار اضمو يدك ولا تجرها فانها سوء الادب فى الحضرة الخاصة فاخذت يد الى جيبى فرايت بعد ذلك اشياء فى قلبى وفى صور فى ما لا اطيق وصفه قال الجنيد اجمع عليك همتك ولا تشتت سرّك قال بعضهم اقطع مرادك عن الكونين وكن مريد لنا لتكون مرادك ثم بين سبحانه ان يده البيضاء اكبر أية واعظم معجزة له وتغيره وذلك قوله { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } ارى الله موسى من يد موسى أكبر أية وذلك انه البس انوار يد قدرته يد موسى فكان يد موسى يد قدرة الله من حيث التخلق والاتصاف وهذا اشارة صفى ممالك الملكوت وغواص بحر الجبروت حيث حكى عن الحق سبحانه فى حديث المحبة والاتصاف بقوله لا يزال العبد يتقرب الى النوافل حتى احبه فاذا احببته كنت له سمعا وبصَرَا ولسانا ويدا فلما زينه الحق بانوار ربوبيته اشهره على العالمين ليكون حجة عليهم.