خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ
٨٧
فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ
٨٨
-الأنبياء

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ } كان يونس عليه السّلام فى منزل الانبساط والعربدة فغضب عليه اذا شغله بشريعته عنه وعن مشاهدته وقربه ووصاله وظن انه فى غضبه وعربدته لم يكن ماخوذا به ولم يكن محتجبا به وكان محجوبا بسر واحد وهو ان الانبساط خط العراف والهيبة خط الله فاختار حظه على حظه وصار محجوبا عن محل الفناء فيه ويمكن انه كان مغاضبا على وجوده اذا كان موجودا عنه مشاهدة وجود الازل كانه غار على وحدانيته ولم يطق ان يرى وجوده فى وحدة القدم فلما ابتلعه الحوت وصار تحت قهر القدم فانيا عن رؤية غيرة الحق فى رؤية الحق تقاضى سر سره مقام بقائه وانبساطه فظن بسره انه لا يخرج من درك الفناء ولا يدرك فى منازل الفناء درجة البقاء فكاشفه الحق نقاب السلطانية عن جمال القدم وصار فى معارج جمال انس المشاهدة فلما وجد البقاء فى الفناء اعترف بعجزه وقلة علمه باسرار القدمية فقال { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } حين نازعت الربوبية بالربوبية علم ان الاتصال والاتحاد موضع المكر والخداع فاسقطا العلل واعترف بالوحدانية الصرف لازلية الله تعالى قال الجنيد مغاضبا على نفسه فى ذهابه فظن ان لن ياخذه بغضبه وذهابه قال ذو النون --- يخدع به العبد الالطاف والكرامات ورؤية الأيات وقال الجنيد فى قوله انى كنت من الظالمين اى من الجاهلين انك لا تقرب بطاعة ولا تبعد بمعصية وقد ظنت فى زمان الصبا ان الله سبحانه اراد ان يهيى ليونس عليه السلام ----- ومشاهدة فى بطن الحوت فتعلل بالامر والنهى والمقصود منه القرب والمشاهدة فاراه الحق فى اطباق الثرى فى ظلمات بطن الحوت ما ارى محمد صلى الله عليه وسلم فروق العرش فلما راى الحق تحير فى جلاله وقال لا اله الا انت سبحانك نزهت نفسك عما ظننا فيك فانت بخلاف الظنون واوهام الحدثان كنت من الظالمين فى وصف جلالك اذ وصف لا يليق بعزة وحدانيتك فوقع لهذا القول منه موقع قول سيد المرسلين حيث لا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك ولذلك قال عليه السّلام لا تفضلونى على اخرى يونس فلما راى استطابا لموضع وظن ان لن يدرك لهما ما ادرك فى الدنيا بعد فغاب الحق عنه فاهتم ودعا بالنجاة فنجاه الله من وحشة ----- بقوله { فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } يعنى من كان هذا حاله مع الله سبحانه تنجيه به منه قال الجنيد من همومهم وكروبهم بالاخلاص والصدق والافتقار والالتجاء وحقيقة حسن الاعتراف واظهار الاستسلام قال الواسطى فى قوله انى كنت من الضالمين حيث اختلج سر ان اريد غير ما اردت.