خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ
٣٠
حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ
٣١
ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ
٣٢
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَىٰ ٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ
٣٣
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِّيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُواْ وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ
٣٤
ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَٱلصَّٰبِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ وَٱلْمُقِيمِي ٱلصَّلَٰوةِ وَمِمَّا رَزَقْنَٰهُمْ يُنفِقُونَ
٣٥
-الحج

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } حرمانه مقام الاتصاف والاتحاد فمن اتصف بصفاته وتوحد بتوحيد ذاته يقع فى بحر الربوبية ويستغرق فى الحج الديمومية وينكشف له اسرار السرمدية والازلية ويسكر بشربات شراب المشاهدة ويقتضى هذه احوال له دعوى الانائية من حلاوة مباشرة انوار الازلية بنعت التجلى والوصلة فمن كان هناك محفوظا بقى على نعت العبودية ولا يخفوا على حرمات الحقيقة فهو خير له بان يزيد حاله من الله سبحانه ويكون اماما فى الحصو والتمكين مثل الخلفاء والنجباء يقتدى به سلاك الطريق وماوك الحقيقة ومن خرج برسوم اهل ---- الانائية يكون محترقا بنيران الغيرة مصلوبا على باب الهيبة والكبرياء والسلطانية وايضا من شاهد مشاهدة الحق بنعت الانفراد عن الحدثان خالصا عن الجنان مبرئا من حظوظه التي يطمع فيها عن مشاهدة الرحمن فهو من اهل الحرمة فى القربة ومن كان حيه لحظه فهو غير محترم فى مقام الحرمة يا غافل الحرمة فى العبودية تقتضى قرب الربوبية والحرمة فى الربوبية يسقط على ملك الحدوثية قال الواسطى من تعظيم حرمة الله ان لا تلاحظ شيئا من كونه ولا من طوارق محنته ولا تلاحظ غليلا ولا كليما ولا حبيبه ما دام تجد الى ملاحظة الحق سبيلا وقال فارس حرمات الله صفاته ومن تهاون بحرمات الامر والنهى فقد تهاون بالذات وهو نفس النفاق قال ابن عطا الحرمة ثلثة لوجه ادلة القطع من الموافقة فى القطع من لذة المشاهدة قال بعضهم رؤية الافعال ----- سبحانه بعد ذلك مقام حرماته وبين ان من عظم امره فقد عظم جلاله وعظمته بقوله { ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى ٱلْقُلُوبِ } يبين ان تعظيم الله تعظيم شمائره بصدر من قلوب المتقين الذين هم فى مشاهدة عظمة الله وجلاله وكبريائه فى احتشامه وهيبته وتقوى القلوب وهو الاجتناب عن سوء الادب فى العبودية والخجل والحياء فى مشاهدة الربوبية قال سهل تقوى القلوب وترك الذنوب وكل شيء يقع عليه اسم الذم قال الجنيد من تعظيم شعائر الله التوكل والتفويض والتسليم فانها من شعائر الحق فى اسرار اوليائه فاذا عظمته وعظم حرمته زين الله ظاهره بفنون الاداب ثم وصفهم بالاخبات والتواضع والخنوع والخشوع فى عظمته وجلال كبريائه وبشرهم بدوام وصاله بقوله { وَبَشِّرِ ٱلْمُخْبِتِينَ } ومن اوصاف المخبتين الفناء فى العظمة والحياء فى رؤية الكبرياء والخجل فى مشاهدة الربوبية والتواضع فى العبودية وكتمان الاسرار والبكاء فى الخفية والسكون فى الخلوة ومراقبة الله بنعت الهيبة قال ابن عطا الخبت هو الذى امتى قلبه من المحبة وقصر طرفه دونه كما ان الفريق شغله نفسه عن كل شئ سوى نفسه كذلك المخبت لشغله مولاه عن كل شئ سواه وقال جعفر وبشر المخبيت من اطاعنى ثم خافنى فى طاعته وتواضع لاجلى وبشر من اضطرب قلبه شوقا الى لقائى وبشر من ذكرنى بالنزول فى جوارى وبشر من دمعت عيناه خوفا المجرى بشرهم ان رحمتى سبقت غضبى ثم زاد سبحانه فى وصفهم بوجل القلوب من معاينة انوار الغيوب والصبر فى المجاهدات وتطهير انفسهم من الذنوب بقوله { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ } اذا سمعوا خطاب الله من الله ولله من غير الله وجلت قلوبهم من رؤية عظمة الله والشوق الى لقاء الله وغليان محبة مشاهدة الله وقع السماع لهم على أذان ارواحهم المطربة من روح انس الله العاشقة جمال قدس الله فتضطرب بين الانس والقدس بنعت المحبة والشوق وتطير بجناح المعرفة الى سرادق كبرياء المعرفة فيسكن هناك وجها واضطرابهما فتسمع من الله خطابه وتطمئن بجماله قال تعالى { { أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ } فاذا سمع الذكر من غيره اقتضى الوجل واذا سمع من الله اقتضى السكون والطمانينة { وَٱلصَّابِرِينَ عَلَىٰ مَآ أَصَابَهُمْ } الذين وصفهم الوجل والاخيان صبروا تحت موارد انورا مشاهدته اذا انت عليهم طوارقها باثقال على الربوبية لا يجزعون ولا يتحركون حتى يفنوا فى كبريائه ويبقوا فى بقائه قال ابن عطا اهل ذلك رأيت الوجل عند سماع الذكر او عند سماع كتابه او عطائه او هل اخرسك الذكر حتى لا تنطق الا به واصمك حتى لم تسمع الا هيهات هيهات قال الواسطى الوجل على مقدار المطالعة ربما يريه مواضع السطوة وربما يريه مواضع المودة والمحبة وقال ابو على الجوزجانى فى قوله الصابرين على ما اصابهم التاركين الجزع عند حلول النوائب والمصائب.