خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً
٥٨
ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً
٥٩
-الفرقان

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ } اخبر سبحانه عن حقيقة التوكل بهذه الأية والاشارة فيها ان من له ذخيرة عظيمة غير منقطعة فانه ساكن القلب بها والحدثان باسرها ليست بذخيرة غير منقطعة فانها ليست بقائمة بنفسها انما قيامها بالله وهو تعالى بذاته وصفاته مستند العارفين اخرته وجلاله قديم باق لا يزول فاذا التوكل عليه حقيقة لمن عرفه بهذه الصفة فقطع سر حبيبه عن الخلق جميعا فى امر العبودية الربوبية والبلاء والعافية والعيش فى الدنيا والأخرة ثم امره بتنزييه وتقديسه حمد الكفايته ورعايته بقوله { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } ولا ينقطع وجود ابدا الابدين وبين ان اكثر خلقه محجوبون عن هذه الحقيقة وللمحجوبون عنها وقعوا فى الاسباب وهو فى حقيقة التوكل ذنب الطريقة فخوفهم بها وقال { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } قال بعضهم التوكل استيلاء الوجد على الاشارة وجذب التشرف الى ارفاق حتى يتبدى قال الواسطى من توكل على الله لعلة غير الله فلم يتوكل على الله ولما امر سبحانه حبيبه بالتوكل على نعت الحقيقة واخبر فيه عن صفته الخاصة فى نفسه من الحياة الازلية الابدية وعن ذاته السرمدية زاد الخير فى اعلامنا قدرته وبقاءه واشتمال قوته على جميع الحوادث وانشائها بقوله { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱلرَّحْمَـٰنُ } بين ان الكون قائم به وذكر رحمانيته من حيث انه رحم الخلق بايجادهم ثم امر حبيبه ان يسال في حقيقة هذا الامر عن جلال عزته وبقاء ديموميته والمعرفة بذاته وصفاته عن خيراء عرفانه وبصراء العلم بجبروته وملكوته بقوله { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } وهم الذين عرف الله نفسه لارواحهم فى الاول بالاولية والاخرية والقدرة المشية وكمال الرحمة وهم باقون فى الاشباح بنعت الارواح فى عبوديته وعرفان ربوبيته وفى كل لمحة يزيد معرفته بجلاله وقدره وقال الحسين هم الذين قامهم الله فى البلاد ازلة للعباد منهم من يدل على سبيل الحق ومنهم من يدل على أداب سبيل الحق ومنهم من يدل على شرائع الايمان ومنهم من يدل على الحق فهو الدليل على الحق لان الكل محتاجون اليه وهو مستغن عنهم يرجعون اليه فى السؤال ولا يسال هو احد كالخضر ونظرائه لانهم اتوا العالم الدنى.