خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
١٠١
-آل عمران

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ } من اعتصم به منه اهدى به اليه لانه فى محل المعرفة ومن عرفه يستعبد برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته وبه منه وهذا حال سيد الانبياء صلوات الله وسلامة عليه حيث قال فى سجوده اعوذ برضاك من سخطك واعوذ بمعافاتك من عقوبتك واعوذ بك منك الا احصى ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك وكان عليه السلام فى ذلك الوقت فى مشاهدة الجلال والجمال والكمال والقدم والبقاء والجبروت والكبرياء بنعت المعرفة على وجود الحق مستغرقا فى بحار علوم القضا والقدر وارث ما راى من عجائب قدرته واطلع على بعض اسرارهم ارادته فخاف به منه اليه وايا من اعتصم بالله الى معرفة عيوب النفس ودقائق الشيطان واخلاق القلب ومشائل الروح واوصاف العقل وامور المعاملات وحقيقة الحالات وطلب المكاشفات والاطلاع على المشاهدات ولمة الملائكة وعلوم الالهام والفراسات ويكون بهذه الخصال فى مقام التمكين وهو مثل طرق المستقيم وايضا الاعتصام انجذام القلب عن الاسباب والارباب والتبرى الى الله تعالى من حول والقوة ومن قطع حبل الطلب عن الخق ارتفع قتام البين بينه وبين الحق والاعتصام قبل المعرفة محال والمعرفة قبل المشاهدة محال من شاهد الله تعالى بنعت المعرفة يعتصم به فى جميع الانام قال الواسطى من يعتصم بالله للأئمة وللعامة اعتصموا بحبل الله وقال الاعتصام به ومنه ومن زعم انه يعتصم به من غيره فهو وهن فى الربوبية وقال ايضا فى قوله ومن يعتصم بالله هل اشاهدات مشاهدتك تفرغ منك اليه وهل فرغت الا الى نفسك لاعتصام ترى نفسك فى ظله وكنفه وحسن قيام نظره لك فى يده فان الحقيق قسم الاعتصام والتصديق يوجب الاعصام وقبل الاعتصام واللجاء بطرح الحول والقوة والسكون للامر والهد وتحت مراد الله وقيل الاعتصام للمحجوبين ولاهل الحقائق ورفع الاعصام لانهم فى القبضة قال ابو بكر الوراق علامة الاعتصام ثلثة قطع القلب عن معنة المخلوقين وصرفه بالكلية الى رب العالمين وانظار الفرج من الله وقال جعفر من افتقر الى الله عن جميع ما سواه وليس فى سره سوى الله فقد هدى الى صراط مستقيم قال ابو عسيد الخراز من أمن به لا يهان ومن اعتصم به لا يهرزم وقال لا يمكن رد النفس الا الصلاح الا بالحكمة والعلم والجهد والتضرع واصله الاعصتام بالله وقال الاستاد بما اعتصم بالله من وجد العصمة من الله تعالى فاما من لم يهده الله فمتى يعتصم بالله عز وجل والهداية من فى البداية توجب الاعتصام به فى النهاية والاعتصام منك يوجب الهداية واهل الاعتصام اربعة المحب والعائق والعارف والموحد اما اعتصام المحب فطرح نفسه على باب الحبيب عجز وتضرعا لطلب الوصول اليه وهذا نعت العاجز فى متعب الفراق المحترق في نيران الاشواق فاذا اعتصم بالحق على وصف غليان الحيان الهيمان فى الشوق فهذه الله الى مشاهدة جماله وحسن عطفه وافضاله كما قال عليه الصلاة والسلام "من احب لقاء الله احب الله لقاءه" واما اعتصام العاشق هو قطع العلائق من قلبه وايثار المشاهدة ما سواه فاذا تحقق فى استغراقه فى بحار العشق ارشده الله الى مقام الانس حتى سكن فى اكناف الطافه فهو بالحقيقة مكفوف من الاستدراج بعظمة الازلية واما اعتصام العراق فهو بمعرفته فاذا عرفه تحير فيه واعتصم بمعرفته عن النكرة تارة وبالنركة عن المعرفة تار ةوالنركة ههنا العجز عن درك الادارك ادراك وان تحير العارف فى مهمة العظمة فاصفده الحق عطاء من علوما لمجهول من لدنه فى بها مشاهدة الاسرار من حقائق غيب الغيب واما اعتصام الموحد فاللياذة من الجهل على مشاهدة القدم بالعرفان على مشاهدة البقاء ومن الجهل على مشاهدة البقاء بالغرفان على مشاهدة القدم واذا وجده الحق مضمحلا فى ضباب عظمته وانوار كبريائه هذه الى طرف من حقائق الوحدانية ليسكن به جهلا لا علما وعلما لا جهلا وامرا الا حكما وحكما لا امرا هذه صفة المعتصمين من اهل لاحق الذى نبذوا بطلق الوجوه جميع رسوم الحدثان من الدنيا والاخرة راجين اليه خائفين منه حبارى سكارى لا تلتقون منه الى غيره من غلبة اليقين على قلوبهم ولا يرضون بشئ سوى محبوبهم فهم معصومون عن الخطرات فى البواطن محصونون على العثرات فى الظواهر.