قوله تعالى { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } من كان فى الدنيا على حد التفرق فيوم القيامة يرجع اليها ومن كان فى الدنيا على حد الجميع فيكون فى الأخرة جمعا ومن كان مع الله فهو جمع ومن كان مع غير الله فهو متفرقون الى اماكنهم من السعادات والشقاوات والبعاد والقربات فاهل القرب فى مشاهدة الانس والقدس واهل البعاد فى الوحشة والتفرقة قال ابو بكر بن طاهر يتفرق كل الى ما قدر له من محل السعادة ومنزل الشقاوة ومن كان تفرقه الى الجمع كان مجموع السر يتقلب الى محل السعداء ومن كان تفرقه الى فرقة كان متفرق السر ثم لا يالف الحق ابدا فيرجع الى محل اهل الشقاوة ثم فسّر الله سبحانه حال الفريقين بالنعتين المتضادين بقوله { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } صف اهل الحبور بالايمان والعمل الصالح فاما ايمانهم فشهود ارواحهم مشاهد الازل فى اوائل ظهورها من العدم واما اعمالهم الصالحة فالعشق والمحبة والشوق فاخر درجاتهم فى ما نزل الوصال الفرح بمشاهدة الله والسر بقربه وطيب العيش بمسامع كلامه او خطابه يطربهم الحق بنفسه ابد الابدين فى روح وصاله وكشف جماله فابتداء احوالهم فى صباح الازل القدم وفى مساء الابد قدس البقاء بقوله { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } اى اذا طلع فى قلوبكم صبح مشرق الازل فكونوا بنعت التنزيه فى طلب عيشكم بالمشاهدة وان تروا جلال ذاته وانوار صفاته فى سر بالافعال فان هناك مكر الفل غالب لئلا تقعوا فى التشبيه من غلبة ذوق العشق وكذا كونوا اذا تخفى عليكم الكشوف ياتى عليكم مساء الصحو وهذا النعمة عظمة لا يقوم الحدثان بشكرها فحمد سبحانه نفسه بالسنة كل ذرة من العرش الى اثرى فعلا صفة سماعهم ومنتهى حالهم فى السماع وهم فى روضة شهود الانس سمعوا بارواحهم القدسية وعقولهم فى الملكوتية سماع الحق من نفسه حيث قال لهم الست بربكم كيلا يقعوا فى بحار الانائية من حدة سكرهم فى المحبة والمشاهدة فيخرجوا عليه بدعوى الربوبية ليس ها هنا مقام هذا المقال انما اردنا شرح مقام السماع فان الله بجوده وجلاله بطيب اوقات عشاقه بكل لسان فى الدنيا وكل صوت حسن فى الأخرة قال الاوزاعى فى تفسير قول فى روضة يحيرون اذا اخذ فى السماع لم يبق فى الجنة شجرة الا وردت وقال ليس احد من خلق الله عز وجل احسن صوتا من اسرافيل فاذا اخذ فى السماع قطع على سبع سماوات صلواتهم وتسبيحهم عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والارض والفردوس اعلاها سُمّوا واوسطها محلة ومنها يتفجر انهار الجنة وعليها يوضع العرش يوم القيامة فقام اليه رجل فقال يا رسول الله انى رجل حبب الى الصوت احسن فهل فى الجنة صوت حسن فقال اى والذى نفسى بيده ان الله ليوحى الى شجرة فى الجنة ان اسمعى عبادى الذين استغلوا بعبادتى وذكرى عن عزب البرابط والمزامير فتفرع صوتا لم يسمع الخلائق مثله قط فى تسبيح الرب وتقديسه وعن ابى الدرداء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الناس فذكر الجنة وما فيها من الازواج والنعيم وفى أخر القوم اعرابى فجثا لركبتيه فقال يا رسول الله هل فى الجنة من سماع قال نعم يا اعرابى فى الجنة لنهرا حافتاه الابكار من كل بيضاء خوصانية يتَغَنين باصواتٍ لم يسمع الخلائق بمثلها قط وذلك افضل من نعيم الجنة قال فسأل ابو الدرداء بما يتَغنّين قال بالتسبيح ان شاء الله قيل الخوصانية المرهقة الى على الصخمة الا سقل وعن مغيرة عن ابراهيم قال ان فى الجنة لاشجارا عليها اجراس من فضة فاذا اراد اهل الجنة السماع بعث الله ريحا من نحت العرش فتقع فى تلك الاشجار فتحركت تلك الاجراس باصوات لو سمعها اهل الدنيا لماتوا طربا وسئل ابو هريرة هل لاهل الجنة من سماع قال شجرة اصلها من ذهب واغصانها من فضة وثمرها اللؤلؤ والزبرجد والياقوت يبعث الله ريحا فيحك بعضها بعضا فما سمع احد شيئا احسن منه ياتهم مثل هذه الأحاديث كثيرة وههنا غاية مقاصدنا تفسير قوله سبحانه فى روضة يجبرون ورب روضة فى الدنيا للعارف الصادق العاشق بالله برب الحق فيها ويسمع من الحق السماع بغير واسطة وربما يكون بواسطة فيسمعه الحق من النسة كل ذرة فى العرش الى الثرى اصواتا قدوسية وخطابات سبوحية قال جعفر بالله فابدأ فى صباحك ويه --- فى مسائلك فمن كان به ابتداؤه اليه انتهاؤه فلا يشفى فيما بينهما.