خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ
٣٧
وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ
٣٨
وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ
٣٩
-يس

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلْلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } عرف الله سبحانه اهل معرفته نفسه بأيات المكاشفات وطلوع شموس المشاهدات والغيبة والاستتار بعده حين هم فى ضياء المشاهدة ونور المكاشفة فيقبض منهم انوار المواجيد والحالات قبضا يسيرا بحيث لا يعرفون ذهابه حتى بقوا فى الحجاب فاذا دحى ليل الفقدان عليهم وهاموا فى اودية الحيرة من طلب شمس المشاهدة فتلك الشمس يجرى لمستقر لها تنكشف شمس الجلال من مشارق الازل على اوقاتهم بمقادير الارادة الاولية فيكون الوقت سرمدا بغير فترة ولا انتقال بقوله { ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } فاذا غابت عنهم شمس الذات طلع عليهم قمر الصفات فى ابراج قلوبهم على منازل المقامات بقوله { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ } يبدو لهم فى اوايل الاحوال انوار الصفات فيزيد لهم وضوح وكشف فيربتهم على سنن الواردات حتى صاروا فى مشاهدة بدر كمال الصفات فاذا كادوا ان يفنوا فى تلك الحالة يغيب عنهم انوار الصفات حتى يبقى لهم اللمعان والبروق ويصير البدر لهم هلالا فيتارؤون هلال جمال الصفات بابصار قلوبهم فى سماء اليقين وهذا من لطف الله لهم الذى يربيهم على قدر الاحوال فى مقامات مشاهدة الذات والصفات قبضا وبسطا حتى لا يفنوا قال الاستاذ نهار الوجود بدخله على ليالى التوقف ويقود بيد كرمه عصا من عمى من سلوك رشده فيهديه الى سواء طريقه وقال فى قوله والقمر قدرناه الاشارة منه ان العبد فى اوان الطلب رقيق الحال ضعيف اليقين مختصر الفهم ازداد من الشمس ونوا ازداد فى نفسه نقصانا الى ان يتلاشى ويخفى ولا يرى ثم يبعد عن الشمس لا يزال يتباعد حتى يعود بدرا من الذى يصرّفه على ذلك الا انه تقدير العزيز العليم فشبه الشمس عارف ابدا فى ضياء معرفته صاحب تمكين غير متلون يشرق بروج من سعادته دائما الا ياخذه كسوف ولا يستره سحاب وشبه القمر عبد يكون احواله فى التنقل صاحب تلوين له من البسط ما يرقيه الى حد الوصال ثم يرد الى الفترة ويقع فى النقص بما كان به من صفاء الحال -----ويرجع الى نقصات امره الى ان يرفع قلبه عن وقته ثم يجود عليه الحق سبحانه فيوقفه لرجوعه عن قرته واناقته عن سكرته فلا تزال تصفو حاله الى ان يقرب من الوصال ويرزق صفة الكمال ثم بعد ذلك ياخذ فى النقص والزوال كذلك حاله الى ان يحق له بالمقسوم ارتحاله فكما قالوا ان كنت ادرى فعلى بدنه من كثرة التلوين الىّ من انه وفى معناه انشدوا كل يوم تتلون غير هذا بك احمل.