خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ
٢٦

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً } لما خرج من امتحان الحق وبلاياه كساه خلعة الربوبية والبسه لباس العزة والسلطنة كأدم خرج من البلاء وحبس فى الارض على بساط ملك الخلافة وذلك بعد كونهما متخلفين بخلق الرحمن مصورين بصورة الروح الا عظم فاذا تمكن داود فى العشق والمحبة والنبوة والرسالة والتخلق صار امره امر الحق ونهيه نهى الحق بل هو الحق ظهر من لباس الملك والملكوت كقول سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه حيث قال جاء الله من سيناء واستعلن بساعير واشرق من جبال ----- ثم لما وضع الحق معجون سر قهر الازل فى الطبع الانسانى وهو محل الاستدراج الذى يجرى عليه احكام مكر القدم دقق عليه الامر وحذره ان يرى نفسه فى البين فى اجراء الحكم بين الخليقة فقال { فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ } اى فاحكم بحكمى حين عاينتنى فيك واحرج منك ولا تتبع الهوى بان تنظر اليك فيضلك ذلك عن رؤيتى وحكم الاتحاد فينطمس عليك سبيل الصواب فى ظهور لطائف حكمنى وحقائق امور ربوبيتى فمن احتجب به منى فهو محجوب به عنى لا يسلك بعد ذلك طرق الحقائق فيقع فى اليم عذاب الحجاب وهذا معنى قوله سبحانه { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ } قال ابن عطا جعلتك خليفة فى الارض لتحكم فى عبادى بحكمى ولا تتبع هواك فيهم ورائك وتحكمهم كحكمك لنفسك بل تضيق على نفسك وتوسع عليهم.