خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
٥٣
أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ
٥٤
-فصلت

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ } اظهر الأيات وجعلها مرأة لصفاته وذاته سبحانه ويتجلى منها انوار الذات والصفات للمشاهدين مشاهدة القدم سر بسر فى حقائق التوحيد وظاهرا يرونه من الأيات فى زمان العشق فى لباس الفعل استقامة للمحبة والتباس لامر الحقيقة ولن ظهر بنعت الالوهية ظاهرا وباطنا لتعطلت الاشباح ولفتيت الارواح واضمحلت النفوس والعقول لان بروز سطوات الاحدية لا يحتمله الايات والاشباح والا الابصار ولا الافكار ذكر فى الاول أيات مقصورة صفاته التى تشرف انوارها فى أفاق الاسرار والأيات العالم الفعلى والمقصود من الصفات ظهور الذات لنظار حقيقة الحقيقة والا فاين الأيات فى ظهور الصفات والذات الأيات للعيون والصفات للقلوب والذات للارواح سر القدم للاسرار لا ينكشف السر الا للسر والعارف الصادق اذا كان فى عين الجمع لا يرى شيئاً الا ويرى الحق بعينه لان فى حقيقة الحقيقة ما بدا منه هو فعله غرق فى صفاته قائمة بذاته فاذا شاهده فى نفسه كما شاهده فى اياته يختلط الامر ويغيب الحدث فى القدم ويحى عليه سكر الانائية فيدعى الربوبية لان مشاهدة الأيات يقتضى العشق والمحبة ومشاهدة الحق فى مرأة النفس يقتضى الاتحاد من تاثير مباشرة سر التجلى وهذا حال الحلاج قدس الله روحه حيث قال انا الحق وحال الاول حال الواسطى حيث قال ضحكت الاشياء وللعارفين بافواه القدرة بل بافواه الرب لو ترى يا شاهد مشاهدة الحق فى الأيات ترى انوار العظمة والكبرياء من عيون الأساد وانياب التغابن وترى انوار اجماله من اوراق ----والنرجس والياسمين ووجوه الحسان وتسمع اصوات الوصلة من الحان الطيور والبلابل والعناد لى واصوات الرياح والسحاب والانسان والاوتار الا ترى الى قوله عليه الصلاة والسّلام الورد الاحمر من بهاء الله من اراد ان ينظر الى بهاء الله فلينظر الى الورد الاحمر قال تعالى { حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } اى سنريهم هذه الحقائق فى الأيات وفى انفسهم حتى يتبين لهم انها هى الحق بعينه لا الايات ولا الافاق ولا الانفس نت لاح الحق من الحق لاهل الحق وتاكيد ذلك برهان ظهوره من كل شيء وشهوده على كل ذرة من العرش الى الثرى بنعت التجلى وتبسم صبح الازل فى عيون المشاهدين جلاله قوله { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } اى ظاهر من كل شئ بسطوع نور ازليته منه لكل مستانس شاهد به فيه ثم بيّن ان المجرمين فى الازل بسبق الشقاوة لا يرونه حقيقة وبيانا وكشفا وعيانا وعزا او سلطانا وبرهانا بقوله { أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ } عن مشاهدته بلطمات قهره فهم فى شك وريب من حيث عما هم وجهالتهم ثم اكد امر ظهوره على الكل بقوله { أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ } احاط علمه وقدرته وجلاله وجماله بكل شئ من العرش الى الثرى لكن لا يراه بنعوتها الا العاشقون الوالهون العارفون قال القحطى لا يزال العبد يرتقى من حل فى حال حتى يبلغ الى الاحوال السنية العلية فيرى الله قائما بالاشياء ثم يرى فى به من ذلك الحال حتى يرى الاشياء فانيّة فى رؤية الحق ويتيقن ان القديم اذا قورت بالحدث لا يثبت له اثر وان جلّ قدرة وعظم خطره وهو يعنى قوله سنريهم اياتنا فى الافاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق وهو النظر الى الكون بمشاهد الحق ثم النظر الى الحق بالفناء من الكون وهو ان يصبر النعوت نعتا ولا يشهد الا حقا صرفا وسئل ابو عثمان عمر بقول بالشاهد فقال لا انكر بالقول بالشاهد لمن يشهد الاشياء كلها شيئا واحدا وقال الواسطى ظهر من كل شئ ما اظهر منه واظهاره الاشياء ظهوره بها فاذا فتشها لا يحد غير الله قال الله سنريهم أياتنا فى الاناق وفى انفسهم حتى يبتين لهم انه الحق دون غيره ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم اصدق كلمة كلمت بها العرب كلمة -----الا كل شئ ما خلا الله باطل قال بعضهم يرى الاشياء عدهما وجودها وجودها عدهما كما ان كل قرب عد وكل بعد قرب لان احاطة القدرة بالشئ وجود الشئ وقال الواسطى فى قوله او لم يكف بربك انه على كل شئ شهيد لو شهدوا شواهد الحق فيما جرى عليهم من المخالفة الموافقة لما اضطربوا فرحا ولا حزنا نفيا للشرك والمقارنة وقال ايضا اوائلها للطايعين والعابدين طالعوه وراقيوه واواخرها للواحدين شاهدوه على أباده وسرمده الذى فيه فناء معاينهم وقال ابن عطا أيات الحق بادية لمن كحل بنور التوفيق ونظر اليها بعين التحقيق وكل ما اظهر الله تعالى من خلقه ناطق بتوحيده اما صريحا واما دليلا منه للحق ان شاهدوا نظروا عن بصر وبصيرة ولا دليل عليه واليه سواه فان الكل حدث وهم القديم ومتى يستدل بالحدث على القديم.