خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ
٥١
وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٥٢
صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ
٥٣
-الشورى

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } كان لى واقعة فى ابتداء الامر وذلك انى شاهدت الحق بالحق وكاشف فى مشاهدة جماله وخاطبنى من حيث الارواح الا الاشباح فغلب على سكر ذلك وافشيت حالى بلسان السكر فتعرضى واحد من اهل العلم وسالنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه اخبرنا بانه لم يخاطب احدا من الانبياء والرسل الا من وارء حجاب وسالتنى كيف تقول ذلك وان الله سبحانه اخبرنا بانه لم يخطاب احدا من الانبياء والرسل الا من وراء حجاب وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله لا وحيا او من وراء حجاب فقلت صدق الله هذا اذا كانوا فى حجاب البشرية فاذا خرجوا بشرط الارواح الى علم الغيب رأوا الملكوت البسهم الله انوار قربه وكحل عيونهم بنوره نوره البس اسماعهم قوة من قوى الربوبية وكشف لهم ستر الغيرة وحجاب الممكلة وخاطبهم كفاحا وعيانا ولنبينا صلى الله عليه وسلم اخص خاصية اذ هو مصطفى فى الازل المعراج والمشاهدة فاذا صار جسمه روحه ويكون واحد من كل الوجوه صعد الى الملكوت وراى الحق منزه عن ان يحجبه المحل من الحدثان او احتجب بشئ دونه فهو الممتنع بذاته القديم من ان يطالعه الا بعد ان يشكف له جلال ابديته وجماله سرمديته وتصديق ما ذكرنا ما قال الواسطى فى هذه الأية قال اخبر ان اوصاف الخلق على سنن واحد وخص السفير الا على والواسطة الادنى بمشافهة الخطاب ومكافتحت وقال وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا وهو قائم بصفة البشرية حتى ينزع عنه اوصاف البشرية ويحلى بحلية الاختصاص فحٍ يكلم شفاها لقوله تعالى وكذلك اوحينا اليك تفسير قوله سبحانه { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا } ان كما خصصنا الانبياء والرسل الروحانية والارواح الملكوتية والارواح الجبروتية والارواح الجمالية والارواح الجلالية خصصناك روح قدسية اوجدتها من جملة الارواح بتجلى قدس قدم من العدم وفضلناك برؤية القدس والجوهر القدسى المشروح برقوم تجلى جمال وجلالى المكسوّ بكسوة جميع صفاتى المنور بنور ذاتى وخصصنا روحك المشرفة بهذه الانوار بان احيينها بما اودعتها من روح فعلى وروح صفتى ورح ذاتى وذلك علم الغيب وغيب الغيب وسر الغيب الاول امر الفعل والثانى امر الصفة والثالث امر الذات فاذا صارت جامعة لهذه الخصايص وان جميع الارواح صدرت من نورها وارسلناها الى جسمك المبارك ونفختها فى صورتك كما نفخت فى صورة ابيك فصار أدم العالم فانت انت وأدم العالم من العرش الى الثرى يظهر من مرأة وتجودك كما ظهر الكون من جوهرك القدسى الذى هو اقل ما خلقت فمن يرى نورها منك فقدر لسانى فانك مراتى للعالمين لذلك قال عليه الصلاة والسلام من رانى فقد راى الحق ومن عرفنى فقد عرف الحق وقال اوّل ما خلق الله نورى ثم خلق منه ما هو كائن الى يوم القيامة فمن كان له من بحر نوره روح صار بين العالمين مرأة جمال الحق وجلاله ويكون شاهد الحق فى العالم من نظر اليه عشق بالحق اذا الحق يظهر منه من حيث التجلى لا من حيث الحلول تعالى الله عن ان يحل فى شئ من الحدثان ثم بين الحق تفصيل مواهبه التى وهبها لحبيبه صلى الله عليه وسلم من خصائص النبوة والرسالة وشرائف المعارف والكواشف التى خفيت عنه فى اوايل حاله اذ كان فى غواشى صورة الانسانية عن احكام الاولية وما سبق له من حسن العناية والكفاية بقوله { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } اى ما كنت واقفا على اسرار الخطاب وحقيقة المعرفة فى زمان غيبتك اذ زينتك بالطافى فى حجب الغيب ثم تجليت لك نور القرأن الذى ظهر منه نور العرفان فصار العرفان ايمانك والقرأن عرفانك فامانك العرفان وعرفانك القرأن فصار ايلاما والعرفان والقران من حيث عين الجمع احدا اذ جميعها صدر من صفة القدم وبالتجلى والتدلى والظهور والصفة صدرت من الذات من حيث المعائنة والكشف للارواح الجلالية الجمالية القدسية لذلك يعود الكناية الى الواحد من الاثنين اذ هذا الاثنان واحد فى الحقيقة قال تعالى { وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا } اى هذه المعانى التى كشفتها لك نور وهداية تهدى به الى معرفتنا وشرفك عندما من عبادنا من العارفين والموحدين والمحبين الذين كانوا فى سوابق الغيب منك صدورا وعلى رؤية جمالنا وجلالنا وانت سيدهم وامامهم تعرفهم سبل وصولنا وذلك قوله { وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ثم اضاف ذلك السّبيل بنعت الخصوصية الى نفسه وقال { صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } اى صراطك المستقيم هو طريق الله الذى مهد للعارفين والمشتاقين ليسكنوا فيه اليه بنوره وهدايته ثم وصف نفسه بانه مالك الاعيان من العرش الى الثرى حتى طابت ارواح الصديقين بوحدانيه اذ لا منصرف الا هو ولا مصرف من جميع الوجوه الا ساحة كبريائه وعظمته وذلك قوله { أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلأُمُورُ } تعود اليه امور الخلائق من الحكم والقضاء والقدرة والمشيئة والفعل والقدرة كما بدأ منه قال الواسطى اظهر الارواح من بين جماله وجلاله مكسوة بهاتين الكسوتين لولا انه سترها لسجد لها كل ما اظهر من الكونين فمن رواه برداء الجمال فلا شئ اجمل من كونه فى ستر يظهر من كل درك وحذاقة وفطنة ومن رداه برداء الجلال وقعت الهيبة على شاهدة وهابه كل من لقيه ونصحه الارواح علامات ثلاث صحة الثقة والتحقيق بالاخلاق والتخطى فى طريق الاداب وقال ابن عطا الكتاب ما كتبت على خلقى من السعادة والشقاوة والايمان ما قسمت للخلق من القربة قال القاسم فى قوله الا الى الله تصير الامور لانه مبتدأ كل شئ واليه منتهى كل شئ فمن كان منه وله فهو الساعة به قال سهل فى قوله وانك لتهدى الى صراطٍ مستقيم وتدعوا الى ربك بنور هداية ربّك وقال بعضهم دعونا اقواما فى الازل فاجابوا فانت تهديهم الينا وتدلهم علينا.