خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَٰلِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَٰلُهُ ثَلٰثُونَ شَهْراً حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَٰلِحاً تَرْضَٰهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
١٥
-الأحقاف

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً } وصلى الانسان بالاحسان الى ابويه لانهما اسباب وجوده ومصادر افعال الحق بدامتهما بدائع قدرته وانوار ربوبيته فحرمتهما حرمة الاصل ومن صبر فى طاعتهما رزقه الله حسن المعاشرة على بساط حرمته وقربته قال بعضهم اوصى الله العوام ببر الوالدين لما لهما عليه من نعمة التربية والحفظ فمن حفظ وصية الله فى الابوين وفقه بركة ذلك لحفظ حرمات الله تعالى وكذلك رعاية الاوامر والمحافظة عليها توصل بركاتها بصاحبها الى محل الرضا والانس قوله تعالى { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } وصف الله الصدّيقين فى طرفين من اعمارهم انهم فى عنفوان شبابهم واشدا سنانهم اهل الاجتهاد والرغبة فى الطاعات وفى اربعين سنة هم اهل الكمال فى العقول والفهوم والاستعداد لقبول الوحى والالهام والكلام والكشف والعيان لا ترى كيف عرف شانه الصديق رضى الله عنه حين بلغ اربعين سنة فى صحبة النبى صلى الله عليه وسلم فى اول شبابه بما ابخر الله عنه بقوله { رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ } اى الهمنى رشدا التوفيق والبس قلبى ولسانى نور عرفانك وقوة فيض مشاهدتك اشرك بهما نعمة مشاهدتك ومعرفتك وصحبة رسولك فانه اعزم النعم منك علىّ وعلى والدى قال ابن عطا خاطب الله الانبياء وبعثهم عند كمال الاوصاف وتمام العقول وهو الوقت الذى اخبر الله تعالى عن تمام خلقه عبادة حتى اذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة وقال سهل فى قوله رب اوزعنى اى الهمنى التوبة والعمل بالطانعة قوله تعالى { وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ } العمل الصالح المقرون بالرضا بذل النفس لله والخروج مما سوى الله للوصول الى مشاهدة الله قال سهل العمل المرضى ما كان اوايله على الاخلاص مقيدا باتباع السنن قوله تعالى { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِيۤ } اجعلهم اوليائك واهل معرفتك وطاعتك قال سهل اجعلهم خلق صدق ولك عبيد حق وقال محمد بن على لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا.