خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ ءَاسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ
١٥
-محمد

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } لاهل الحق فى هذا العالم جان فى قلوبهم وعقولهم وارواحهم واسرارهم فجنة القلوب روضة الاتقان وجنته العقول بستان العرفان وجنة الارواح حديقة البيان وجنة الاسرار فردوس العيان ولكل جنة منها نهر وشجر وثم وزهر فنهر جنة القلوب ماء حياة الازل الذى تجرى بنعت التجلى فيها من عيون الوحدانية وهو لا يتغير بكدورات البشرية يحيى القلوب بنور اليقين حتى لا تجرى عليها موت الجهالة واشجارها اشجار الايمان وثمرها انوار الايقان ونهر جنة العقول من البان القدرة يسقيها الحق منه ليريها الصفاء انوار قدرته التى يورث معرفتها بعزته وجلال قدرته واشجار الحكمة وازهارها الفطنة ونهر جنة الارواح نهر كشف الجمال الذى مورده بحر الجلال يسقيها الحق منه ليطيبها بلذة الجمال وروية الاجلال واشجارها المحبة وازهارها الشوق واثمارها العشق ونهر جنة الاسرار كشوف الذات المقدس عن انقطاع فيضه السرمد فيقويها الحق بشرية حتى استقامت فى وصلة فهناك اشجارها التوحيد وازهارها التفريد واثمارها التحقيق فاصحاب القلوب هم اهل الشهود واصحاب العقول هم اهل الكشوف واصحاب الارواح هم اهل السكر والوجود واصحاب الاسرار هم اهل المحو الصحو فاهل الشهود اصحاب المراقبات واهل الكشوف اهل المقامات واهل الوجود اهل الحالات واهل المحو والصحو اهل الاستقامة فطوبى لمن كان له مثل هذه الجنان فى دار الامتحان قال الاستاذ اليوم للاولياء لهم شراب الوفاء ثم شراب الصفة ثم شراب الولاء ثم شراب فى حال اللقاء ولك من هذه الاشربة عمل ولصاحبه سكر وصحو فمن شرب بكاس الوفاء لم ينظر فى غيبته الى غيره كما قيل

وما سر صدرى منذ شطت لك النوى انيس ولا كاس ولا متصرف

ومن شرب بكاس الصفاء خلص له عن كل شرب وكدورة فى عهده فهو فى كل وقت صاف عن نفسه خال من مطالبته قائم به بلا شغل فى الدنيا والاخرة ولا رب ومن شرب بكاس الولاء عدم فيه القرار ولم يغب سره لحظة لا الليل ولا النهار ومن شرب فى حال اللقاء أنس على الدوام ببقائه فلم يطلب مع بقائه شيئا أخر لا من عطائه ولا من لقائه لاستهلاكه فى علان عند سطوات كبريائه.