خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً
١
-الفتح

عرائس البيان في حقائق القرآن

نبهنا الله فى ذلك من سر عجيب وهوان ابواب كشف القدم مسدودة على اهل الحدثان ولم يظهر لاحد عين ذات الازل ففتح الله ابوابه لعين محمد صلى الله عليه وسلم حتى راه كفاحا ففتح سمعه فاسمعه كلامه شفاها وفتح باب قلبه وروحه وسره فعرف نفسه لها حتى وجدت ابواب اخرين علومه الغيبية مفتوحة وفتح الله جميع ابواب وجود حبيبه صلى الله عليه وسلم حتى الشعرة على بدنه وجعلها عيونا مفتوحة بمفاتيح توحيده وانوار بحقيقة حتى راه بجميع عيون وجوده وذلك الفتح ظاهر من وجوده حتى لا يراه احد الا ويرى نور الصمدية ينتشر من بشرته لكن كان محجوبا من عيون الاغيار بقوله ينتظرون اليك وهم لا يبصرون وذلك الفتح سبب غفران ذنبه الاول وذنبه الاخر الذنب الاول سقوطه من زند افعل على نور الصفة اذ اتى فى اوّل الاول بوجود الحدث الى ساحة القدم ومع ما اتى به لم يات بحقوق الازلية عليه بكمالها فاذا قصر فى واجب حق الربوبية بكماله صار ذلك ذنبه الاول وذنبه الاخر وقوفه بنعت الخطاب على مدارج العبودية بعد ان غاص فى بحر الربوبية فان من شرائط وجدانها الخروج من المرسومات فذلك الفتح سبب غفران المذنبين وليبلغ الى محض الاتصاف والاتحاد حتى يسير الربوبية فى ركاب حيروم القدم فى ميادين الازل الى الابد بنعت التوحيد والتجريد ولتفريد وذلك تام ونعمته التى عليه اخبرنا الحق عنها بقوله { وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ } ثم بين انه يهديه الى طريق مشية الازل المستقيم بالارادة والوحدانية وذلك الطريق ما يسلك فيه عساكر جنود انور التجلى والتدلى بقوله { وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } ذلك الصراط للحق لا للخلق لان الحادث لا يسلك فى القدم اقامة الحق على راس ذلك الطريق وكان لا يعرف اين يسلك حتى بدا له انوار بريد تجلى القدم الذى استقبله فهداه الى مسلاك الديمومية فاذهب به الحق الى معارج دنوه وذلك ما انبانا الله من سيره من الحدث الى القدم بقوله { { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } فاذا وصل الى قلب عساكر الوحدانية وغلب عليه سطوات جنود الفطنة استغاث منه اليه حيث قال اعوذ بك منك فلبسه الله انوار ربوبيته وايده بقوته الازلية حتى استقام بالحق الى الحق فاخرج الحق جنود رحمته الباقية فقواه بها وسكن بها قهر القدم بقوله سبقت رحمتى غضبى وذلك قوله { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } قال ابن عطا جمع الله للنبى صلى الله عليه وسلم فى هذه الأية من نعيم مختلفة بين الفتح المبين وهو من اعلام الاجابة والمغفرة وهى من اعلام المحبة وتمام النعمة وهى من اعلام الاختصاص والهداية وهى من التحقق بالحق والنصر وهو من اعلام الولاية والمغفرة تبرئة من العيوب وتمام النعمة ابلاغ الدرجة الكاملة من الحق والهداية هى الدعوة اى المشاهدة والنصرة هى رؤية الكل من الحق من غير ان يرجع الى سواه وقال الواسطى فتح عين رسوله صلى الله عليه وسلم لمشاهدته فى السرى وفتح سمعه لفهم كلامه كفاحا بعد ان قواه لذلك واكرمه به وقال ابن عطا كشف ذنوب الانبياء عليهم السّلام ونادى عليهم وستر ذنوب النبى صلى الله عليه وسلم بقوله ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تاخر قال ابو يزيد فى قوله ويهديك صراطا مستقيما هو السبل الى قربه ليلة المعراج حيث تاخر جبرئيل عليه السلام ولم يكن ذلك محله فهدى الرسول صلى الله عليه وسلم الى السبيل الحق وهو الصراط المستقيم وقال ابن عطا لما بلغ الى سرة المنتهى قدم النبى صلى الله عليه وسلم واخر جبرئيل عليه السلام فقال النبى صلى الله عليه وسلم لجبرئيل تتركنى فى هذا الموضع يهدى بك الخلق الى الطريق المستقيم وهو الطريق الى الحق من نجعله امامه قاده الى الخلق ومن لم يقتد به فى طلب الطريق الى الحق ضل فى طلبه واخطأ طريق الى الحق من جعله امامه قاده الى الخلق ومن لم يقتد به فى طلب الطريق الى الحق ضل فى طلبه واخطأ طريق رشده.