خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٣
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ } خشية الله ههنا حواله الى رؤية سبق العارفين فى الازل اى اذا وقع امر الامتحان عليكم بواسطة الخلق اقبلوا الى بنعت معرفتى ومحبتى ولا تفرعوا منهم فانهم مكان امتحانى فاذا عرفتمونى عرفتم كان الامتحان فلا تبقى اذا الخوف من غيرى قال تعالى { إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ } فاذا استحكم عقد الخشية مهم فيظهر للعالم بالله سر افراد القدسم عن الحدوث قيل فيه قطعك عن الك قطعك عن الكل قطعا وجذبك اليه جذبا بهذه الأية فلا تخشوهم واخشونى قال ابن عطا لا تجعل لهم من قلبك نصيبا وافرد قلبك لان تجدنى بصفة الفردانية مقبلا عليك وقال سهل عجز الناس من خشى من لا ينفعه ولا يضره والذى بيده النفع والضر يخاطب بقوهله فلا تخشوهم واخشونى قوله تعالى { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأِسْلاَمَ دِيناً } اراد فى الازل بلا علة العميا والازل منزه عن دهر الدهار والازمنة الفرارة ان يظهر كنوز صفاته وخزائن جود ذاته محبة منه ومعرفة لعباده كما قال تعالى كنت كنز مخفيا فاجبت ان اعرف فيتجلى للعدم من القدم فظهرا العبداد والزمهم سمة العبودية وكشف انوار افعاله لهم فعبدوه بروية نوار افعاله وصنايعه ثم كشف لهم انوار الصفات فاحبوه برؤية نور الصفات فلما حان وقت خروج سيد الاولين والأخرين واصحابه وامنة من العدم بسط العطايا لهم حتى وقفوا على بساط لطفه وكرمه ورباهم بحسن عنايته ثم تجلى لهم بنور الاسماء والصفات ورباهم بها الى ان بلغو احد الاستقامة فى المحبة والشوق فكشف لهم جلال ذاته فعرفوه بنور الاسماء والنعوت والافعال والصفات فلما عرفوه بمعرفة الذات كملت احوالهم للكشف والمشاهدة والمعرفة والتوحيد ولم يحتجبوا عنه ببركة مشاهدة النبى صلى الله عليه وسلم وتواصلت الكشوف والتجلى بالتجلى قال تعالى اليوم اكملت لكم دينكم حيث ما اكملت لاحد من خلقى ما اكملت وما ذكرنا بمجموعة قد اشار عليه السلام اليه بقوله صلى الله عليه وسلم جاء الله من سينا واستعلن بساعير واشرق من جبال فاران والدين هو الطريق منه اليه بنعت عرفان طرق الصفات الى الصفات وسبل الصفات الى الذات والنعمة منه لهم كشف جماله بلا حجاب والعفو بلا عتاب والوصول بلا عذاب واتمامهم وقايتهم من الاشتغال بغيره وظهوره من جمال نبيه لهم وصول نبيهم الى درجة مقام المحمود لشفاعتهم وارتضاء الاسلام لهم دينا اسال استار العظمة عليهم حتى انقادت نفوسهم الامارة الفرارة من الحق لسبحات عظمته ومباشرة قهر سلطان كبريائه ولا يحتبجون عن الحق بها ابدا قال ابو حفص كمال الدين فى شيئين فى معرفة الله واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأله وسلم وقال جعفر بن محمد عليه السلام اليوم اشارة الى يوم بعث محمد صلى الله عليه وأله وسلم ويوم رسالته وقيل اليوم اشارة الى الازل والاتمام اشارة الى الوقت والرضا اشارة الا الابد وقيل اتممت عليكم نعمتى ان خصصتم من بين عابدى مبشاهدة المصطفى صلى الله عليه وسلم يخاطب به الصحابة وجعلكم حجة لمن بعدكم من الامة الى يوم القيامة قيل اتممت عليكم نعمتى بالمعرفة قوله تعالى { فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } الدنيا ميتة الاولياء والاجتناب منها واحب عليهم فى تجريد التوحيد فاذا وقعوا فى السير فى بحر الانس وغلب عليهم البسط والانبساط وصاروا منعوتين بوصف العشق والمحبة وطابت نفوسهم فى روح القلوب الملكوتية واحتاجوا الى مباشرة الرخص والسعادة فهم فى حد الاضطرار من جهة نفوسهم الساكنة بروح الانس لانها تطلب من مستحسنات الكون ما يليق بزيادة هيجان القلوب وزيادة شوق الارواح فاذا باشروا طيبات الدنيا على حد ترويح الخواطر وتسكينها من الحرق والهيجان فهى مباح لهم ما داموا فى سير المعارف فاذا بلغوا منتهى المقامات ولم تجاوزا النفوس من تلك المباحات الى استدامة الحظوظ فهى غير متجانفة الى الفترة فان الله سبحانه يتجاوز عن مواخذتها بالحجاب ويعنها فى طلب المأب فانه غفور لخطرات اوليائه رحيم بنعت الوصلة باصطفائه قال الاستاد يحتمل ان معناه من نزل عن مطالبات الحقائق الى رخص العلم لضعف وجده فى الحال فرعا يجرى معه مساهلة اذا لم يفسخ عقد الارداة ونعم ما قال الاساد فى وصف السالكين فى باب الرخص فان الله سبحانه تصدق ما ذكرنا فى الآية بثانيها من الأى بقوله لنبيه.