خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٥٤
-المائدة

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ فَسَوْفَ يَأْتِي ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } ان الله تعالى وبخ المفلسين من اهل الردة بان ليس لهم فى محبة الله نصيب بارتدادهم عن الاسلام اخبر انه يجئ بقوم ان الله سحبانه قد احبهم فى الازل وهم عجبته يحبونه وهم وافقون النبى صلى الله عليه وسلم وأله اصحابه بشرط المحبة لان من شرط المحبة الموافقة والطاعة وبين ان من لم يكن مطيعا لكم محبا قال تعالى--- كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله وفى الأية ذكر شرف الصحابة والتابعين من بعدهم وبين تعالى ---- يحب الاولياء بذاته وصفاته فهم يحبون الله بذاتهم وصفاتهم من جيمع الوجوه لان مصدر ----- القدم وليس هناك فعل ومحبة العباد مصدرها قلوبهم وليس هناك فعل واصل المحبة وقع بغير العلة --- الالاء والنعماء والافعال والحركات كان سبحانه احبهم بعلمه فى الازل قبلى ايجادهم باصطفائيه فكانه احب نفسه لان كونهم لم يكن الا بكون وجوده احب ذاته لم يكن الغير فى البين فكان هو المحب وهو بوب وصفته المحبة وهم يجبونه بتجلى الصفة فى قلوبهم وهو مباشرة نور نور محبته فى فوادهم فلما تكحلت عيون ---- بنور محبته فطابت مصدر اصل الصفة فوجدت فشاهدة الازل عيانا بلا حجاب فاحبتها بالمحبة --- التى لا تتحول من مصرف الاصل بدا فاذا كان كذلك فالمحب والمحبوب والمحبة فى عين الجمع واحد وهذا --- قوله سبحانه بلسان نبيه صلى الله عليه وسلم حيث اخبر عن المحب المتحد المتصف بصفاته قال فى اثناء بث فاذا احببته كنت له سمعاً وبصرا ولساناً ويدا وفى هذا المعنى انشد الحسين بن منصور فقال

انا اهوى ومن اهوى انا نحن روحان حللنا يدنا
فاذا بصرتنى ابصرته واذا بصرته ابصرتنا

قال الواسطى فى هذه ---- كما انه بذاته يحبهم كذلك يحبون ذاته لان الهاء راجعة الى الذات دون النعوت والصفات قال السلامى --- حبه لهم احبوه كذلك ذكرهم بفصل ذكره لهم ذكروه وقال الحب شرطه ان يلحقه سكرات المحبة فاذا لم يكن ---يكن فيه حقيقة وقال يوسف بن الحسين المحبة والايثار وانشد فى معناه الحسين بن احمد الرازى --- ابو على الرود بارى لنفسه

سامرت صفو صبابتى اشجانها حرق الهوى وغليلة نيرانها
وسالت ---- الصبابة قيل لى ايثار حبك قلت خذ بعنانها
كل له وبه ومنه فاين لى وصف فاوثره فطاح لسانها

--- ارتياح الذات بمشاهدة الذات وقل المحبة هى ان يصير ذات المحبة صفة المحبوب قال الواسطى بطل --- حبه لهم بقوله يحبهم ويحبونه انى يقع صفات المعلولة من الصفات الازلى الابدى وقد وقع الى اشارة --- الله وقع فى الازل ولم يكن هناك وجود الاحباء لانه تعالى لم يكن محتاجا الى رؤيتهم محبته ايهم ولكن لم يكن الاحباء الا بعد ان راوا مشاهدته فثبتت المشاهدة قبل المحبة وثبتت المحبة بعد المشاهدة والمحبة شاهدة من قبل المحبين لم يلكن محبة حقيقة لان محبة الالاء والنعماء وقعت معلولة ولذلك لم يرتدوا عن دينهم الذى هو المحبة من راه عشقه وكيف يرجع عنه من كان مسلوب القلب عشقة وجماله ثم زاد الله فى وصفهم يذكره تواضعهم لاحبائه وغلبتهم على اعدائه بقوله تعالى { أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } وذكر بدل وجودهم فى طريق محبته بنعت جهادهم اعداءه بالامر بالمعرفون والنهى عن المنكر وقلة مبالاتهم فى الله ملامة الايمان بقوله تعالى { يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاۤئِمٍ } وعلق جميل اوصافهم بفضله وسعة رحمته كما انه علق محبتهم عجبته بقوله تعالى { ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } قال ابو بكر الوراق الجهاد ثلثة جهاد مع نفسك وجهاد مع عدوك وجهاد مع قلبك والجهاد فى سبيل الله مجاهدة القلب لئلا يتمكن منه الغفلة بحال وجهاد النفس ان لاتفتر عن الطاعة بحال وجهاد الشيطان ان لا يجد منك فرصة فياخذ بحظه منك.