خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
٣٨
-الأنعام

عرائس البيان في حقائق القرآن

{ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } ان الله سبحانه خلق غير الادمى والملائكة والجن من الحيوانات والطيور السباع والحشرات على فطرة التوحيد وجبلة المعرفة وان الله سبحانه خاطبها الوضوح طرق معارفه والايقان والا يمان جعل لها طرقا من خواطرها بانوار العقل الى حضرته القديمة الازلية واسرارها ينظرون بنور الافعال ولطائف الصنعة وسناء الخطاب اليها على السهدية وانما تعيش وتتحرك وتطير بقوة من قوى الحضرة وهذا الغصير والالحان والزفرات والشهقات منها من حلاوة تصل الى قلوبها من روح عالم الملكوت ووضوح انوار الجبروت ولها على قدر حالها فى المعرف والتوحيد شوق الى الله وذوق من بحار رحمة الله سمعت أن سمنون المحب كان اذا تكلم فى المحبة تنشق القناديل ويسقط الطير من الهواء حتى سمعت ان يوما كان يتكلم فى المحيط فسقط طير بين يديه وغرز منقاره فى الارض وقطر الدم من منقاره ومات بين يديه وامثال هذه الحكاية كثيرة فى الأثار والاخبار من جميع الحيوان والسباع والطيور ولاحشرات الا ترى كيف تكلم الضب مع النبى صلى الله عليه وأله وسلم وكيف مدحه بقوله الا يا رسول الله انك صادق فبوركت مهديا وبوركمت هاديا الى قوله فبوركت فى الاحوال حيا وميتا وبوركنت مولد وبوركت ناشيا وقوله تعالى { إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم } فى طلب الحق وافراد قدمه عن الحد والاعتبار فى صناعيه اللطيفة التى تبرز منها انوار الصفات فى العالم ومثيلتها انها خلقت من عالم المالك والشهادة والافعال والأدمى والملائكة خلقت اجسامهما من عالم الافعال واراوحهما مننور الملكوت لذلك فضلت الملائكة والأدمى على غيرها قال تعالى { { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } الأية وقوله ولا طائر يطير بجناحيه ارى جانحيه جناح التوكل والرضا وجناح الخوف والرجا وجناح الفناء وجناح المعرفة والمحبة يطيرون بها هربا وطربا وشوقا وطلبا واشار ة الظاهر فى المثيلة ان جبلة الامم من عناصر الاربع خلقت ومن طبيعة الحيوانية والروحانية انشئت وتساوت فى الأكل والشرب والحركة والاجتماع وصفات النفسانية ونعوت الذاتية من الحرص والغضب والشر والبطر وحقائها فى التساوى رجوعها الى معدن الفطرة الذى انشاها الله منه لقوله تعالى منها خلقناكم وفيها تعيدكم ومنها تخريجكم تارة اخرى ومن ايمة التفسير الطاهر قول عطا قال امثالكم فى التوحيد والمعرفة وقيل الا امم فى التصوير امثالكم فى التسخير وقوام جميع الحيوان والملائكة والجن والانس والجمادات من العرش الى الثرى بالقدرة القادرية الازلية ولهم مشارب وسواق من بحر خطاب الله وكلماته الازلية المبنية طرق توحيد الملائكة ومعرفة الناس وفطرة الحيوانات والطيور والحشرات والسباع الممزوجة طباعها بالعلم بصانعها وخالقها الى ظهور صفاته وذاته هلهم بيانا غير مشكل عليهم ولا ناقص عن تام مرادهم قال تعالى { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } اى كل ما يحتاج الخلق فى العبودية وعرفان الربوبية بينا فى كتابنا ليس مقام ولا حال ولا وجد ولا ادراك ولا معرفة ولا رؤية الا وبين طريقة فى كلامه تعالى صفته الخاصة المبينة عرفان جميع الصفات وطرق الصفات الى الذات اخبر تعالى به عن اسرار الاولين والآخرين من العرش الثرى قال بعضهم فى قوله تعالى ما فرطنا فى الكتاب من شئ على ما أخرنا فى الكتاب ذكر احد من الخلق ولكن لا يبصر ذكره فى الكتاب الا المؤيدون بانوار المعرفة.