خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ
٦٠
وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦١
وَإِن يُرِيدُوۤاْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ ٱللَّهُ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٢
وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
٦٣
يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
٦٤
-الأنفال

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } اعلم الله المؤمنين والعارفين استعلام قتال اعداء الله وسمّى الة القتال قوة وتلك القوة قوة الالهية التي لا ينالها العارف من الله الا بخضوعه بين يديه بنعت الفناء فى جلاله فاذا كان كذلك يلبسه الله لباس من الله الا ==== يديه بنعت الفناء فى جلال فاذا كان كذلك يلبسه الله لباس عظمته ونور كبريائه وهيبته ويغريه الى الدعاء عليهم ويجعله منبسطا حتى يقول فى همته وسره == خذهم فياخذهم بلحظة ويسقطهم صرعى بين يديه بعون وكر ويلى قلب وليه وتفريحه من شرور معارضيه ومنكريه وذلك سهم فى بقوس الهمة عن كنانة الغيرة كادمى بنى الله صلى الله عليه وسلم الى منكريه حين قال شاهت الوجوه وهذا الوحى من الله بقوله وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى سمعت ان ذا النون كان فى غزو وغلب المشركون على المؤمنين فقيل له لو دعوت الله فنزله عن دابته وسجد فهزم الكافر فى لحظة واخذوا جميعا وأسروا او قتلوا وايضا اقتبسوا من الله قوة من قوى صفاته لنفوسكم حتى تقوتكم فى محاربتها وجهادهاقال ابو على دردبارى القوى هى الثقة بالله قيل ظاهر الاية انه الرمى بسهام القسى وفى الحقيقة رمى سهام الليالى فى الغيب بالخضوع ولاستكانة ورمى القلب الى الحق معتمدا عليه راجعا عما سواه مث بيّن ان المعوّل على الله ونصرته لا على السلاح والالات بقوله { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِٱلْمُؤْمِنِينَ } أى قوّاك بقوة الازليّة ونصرك بنصرته الابدية ووفق المؤمنين باعانتك على عدوك قال الواسطى قواك به وقوى المومنين بب بل ايدك وايد المؤمنين بنصرك ثم بين سبحانه ان نصرة المؤمنين لم يكن الا بتاليفة بين قلوبهم وجمعها محبة الله ومحبة رسوله بعد تباينها بتفرقة الهموم فى اودية الامتحان بقوله { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } اى جمع ارواحها فى بدو الامر على موارد شريعة المشاهدة ومشارع الحقيقة فائتلفت بعضها بعضا فى الحضرة القديمة عند مشاهدة الجليل جلا جلاله فارتفعت من بينهم المناكرة وبقيت بينهم المصادقة والمحبة والموافقة ثم اوكد ذلك الائتلاف بانه لا يكون من صنيع الخلق ويكلف الاكتساب بل من القائه نور الاسلام فى قلوبهم وجمعه اياهم على م تابعة نبيه بنظره ولطفه بقوله { لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } والف بين الاشكال بالتجانس والستيناس لانها من مصدر فطرة قوله خلقت بيدى والف بين الارواح بالتجانس والاستيناس من جهة الفطرة الخاصة من قوله ونفخت فيه من روحى والف بين القلوب بمعاينة الصفة لها باشارة قوله عليه السلام القلوب بين اصبعين من اصابع والف بين العقول بتجانسها واصل فطرتها التى قيل فيها العقل اول ما صدر من البارى وذلك قوله عليه السّلام اوّل ما خلق الله العقل انصرف من مصدر الازلية والف بين الاسرار بمطالعتنا الانوار واتصال === من الغيب بقول الذين يؤمنون بالغيب قيل اى يشاهدون انوار الغيب فموافقة الاشباح من حيث ==فى الطاعات ورؤية الاية والظفر بالكرامات وموافقة الارواح بابتلاءنا من مجانسة مقاماتها فى المشاهدات وسلوكها فى مسالك المراقبات والمخاضرات وموافقة القلوب من تجانس سيرها فى الصفات فمن شاهد القدرة ياتلف بمن شاهد بقائه فى القدرة وكذلك مقام رؤية جميع الصفات لان سيرها فى انوار الصفات وموافقة العقول من تجانس ادراك انوار الافعال وتحصيلها سنا الحكميات من اصول الايات وقد برها وتذكرها فيها بانوار الهداغيات وموافقة الاسرار من تجانس مشاربها من مشاهدة القدم ومطالعة الابد وكل سر يرد مشرب المعرفة او المحبة والشوق والتوحيد والفناء او السكر او الصحو يستانس بمن يكون شربه من مقامه من الاسرار فسبحان الذى الف بين كل جنس مع جنس رحمة منه وتلطفاً قال عليه السّلام فى بيان ما شرحنا من ايتلاف هذه المؤتلفات واستيناس هذه المتانسات فى مقام القربات قال الارواح جنود مجندة فما تعارف منها ايتلف فايتلاف المريدين فى الارادة وايتلاف المحبين فى المحبة وايتلاف المشتاقين فى الشوق وايتلاف العاشقين فى العشق وايتلاف المستانسين فى الانس وايتلاف العارفين فى المعرفة وايتلاف الموحدين فى التوحيد وايتلاف المكاشفين فى الكشف وايتلاف المشاهدين فى المشاهدة وايتلاف المخاطبين فى سماع الخطاب وايتلاف الواجدين فى الوجد وايتلاف المتفرسين فى الفراسة وايتلاف المتعبدين فى العبودية وايتلاف الاولياء فى الولاية وايتلاف الانبياء فى النبوة وايتلاف المرسلين فى الرسالة فكل جنس يستأنس بجنسه ويلحق بمن يليه فى مقامه قال بعضهم الف بين قلوب المرسلين بالرسالة وقلوب الانبياء بالنبوة وقلوب الصديقين بالصدق وقلوب الشهداء بالمشاهدة وقلوب الصالحين بالخدمة وقلوب عامة المؤمنين بالهداية فجعل المرسلين رحمة على الانبياء وجعل الانبياء رحمة على الصديقين وجعل الصديقين رحمة على الشهداء وجعل الشهداء رحمة على الصالحين وجعل الصالحين رحمة على عامة عباده المؤمنين وجعل المؤمنين رحمة على الكافرين وقال ابو سعيد الخراز الف بين الاشكال وغير الرسوم لمقام اخر فكل مربوط بمنحته ومستأنس فى اهل نختله وهذا معنى قول النبى صلى الله عليه وسلم الارواح جنود مجندة ثم ان الله سبحانه امتن على نبيه بانه حسبه فى كل مراد له منه حسب المومنين بما يريدون منه وافرد النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه والمؤمنين لتبريهم من حولهم وقوتهم حيث ضمن دفع العدوى منهم بنصرته وازاليته بقوله { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ حَسْبُكَ ٱللَّهُ } اى لما مننت عليك بايتلاف قلوب المؤمنين فى نصرتك فلا تلتفت اليهم فى محل التوحيد فانى حسبك وحدى بغير معاونة الخلق فينبغى ان تفرد القدم من الحدوث فى سيرك منى الىّ وانا حسب المؤمنين عن كل ما دولى وان كان ملكا مقربا او نبيّا مرسلا ولا يبتغ فى حقيقة التوحيد النظر الى غيرى وان كان منى وفى هذه الاشارة قد اشار بقوله سبحانه فى وصف كبرياء مجالسه من المقربين بقوله ما عليك من حسابهم من شئ قال الواسطى حسبك بالله وليا وحافظاً وناصرا ومن اتبعك من المؤمنين فالله حسبهم.