خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
٧٤
-الأنفال

عرائس البيان في حقائق القرآن

قوله تعالى { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ان الذين شاهدوا بارواحهم مشاهدة الازل حين عرف سبحانه نفسه لها بتحقيق الخطاب بقوله الست بربكم قالوا بلى فصحبها انوار مشاهدته من الازل الى الابد بنعت المعانية وحلاوة السماع ومواجيد واردات القرب مع اتصال نورا الغيب على السرمدية وهاجروا عن حظوظ طباعها من الاكوان والحدثان وجاهدوا فى مكائدتها فى محل الامتحان مع النفس والشيطان لرضى الرّحمن وجوف الهجران فلما اتصفوا بهذه الاوصاف حصل لهم حقائق الايمان وعرفان وسمَّاهم محققين فى الايقان بقوله { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً } ثم ذكر امتنان عليهم بغفرانه اياهم حركات ضمائرهم فى وقت الامتحان وتقصيرهم فى حقيقة العرفان وكشف جماله لهم فى مرآة البرهان بقوله { لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } سرّهم عن عين القهر حتى لا تصل اليهم ضرب عين القهريات ورزقهم رزق قربة بكشف المواصلات قال ابو يزيد جهاد النفس فى هجرانها نزعها عن المالوفات واجراؤها على سبيل الله باسقاط العلائق عن المال والاهل وذلك قوله وهاجروا وجاهدوا وقال بعضهم اى فارقوا قرناء السوء والاعمال القبيحة والدعاوى الباطلة قال بعضهم امنوا ببذل القلوب لله وهاجروا ببذل الاملاك لله وجاهدوا بذلوا الروح لله فى سبيل الله فمن بذل قلبه لمحبته وبذل ملكه لرضاه وبذل نفسه وروحه لاعزاز دينه كان محبا حقيقة ومن كان محبا حقيقة كان مومنا حقاً قال ابو بكر الفارس فضل اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بشيئين بصحبتهم مع النبى صلى الله عليه وسلم والمجاهدة معه وهجرانهم الى الله بالسرائر وغربتهم مع انفسهم الا ترى الله يقول الذين امنوا من طوارق الخذلان وهاجروا بقلوبهم فى ملكوت الغيوب وجاهدوا انفسهم على طاعة رسوله اولئك ههم المؤمنون حقا حقيقة ايمانهم ما قدم من الثناء عليهم والله اعلم.