خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ
٢٤٦
وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوۤاْ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ ٱلْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِٱلْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ ٱلْمَالِ قَالَ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي ٱلْعِلْمِ وَٱلْجِسْمِ وَٱللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
٢٤٧
وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلتَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَىٰ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ
٢٤٨
-البقرة

تفسير القرآن

{ طَالُوت } كان رجلاً فقيراً، لا نسب له، ولا مال، فما قبلوه للمُلك. لأن استحقاق المُلك والرياسة عند العامة إنما هو بالسعادة الخارجية التي هي المال والنسب، فنبّه نبيهم على أن الاستحقاق إنما يكون بالسعادتين الأخريين: الروحانية التي هي العلم. والبدنية: التي هي زيادة القوى وشدّة البنية والبسطة، بقوله: { وزاده بسطَة في العلم والجسم } والله أعلم بمن يستحق المُلك فيؤتيه { من يشاء والله واسعٌ } كثير العطاء، يؤتي المال كما يؤتي المُلك { عَليمٌ } بمن له الاستحقاق وما يحتاج إليه من المال الذي يعتضد به، فيعطيه. ثم بيّن أن استحقاق المُلك له علامة أخرى وهي: إذعان الخلق له، ووقوع هيبته ووقاره في القلوب، وسكون قلوبهم إليه، ومحبتهم له، وقبولهم لأمره على الطاعة والانقياد. وهو الذي كان يسميه الأعاجم من قدماء الفرس "خوره". وما يختص بالملوك كيان خوره، ثم من بعدهم سموه "فر" فقالوا: كان فر للملك في أفريدون، وذهب عن كي كاؤوس فر الملك، فطلبوا من له الفر، فوجدوا للملك المبارك كيخسرو وسمّاه "التابوت" أي: ما يرجع إليه من الأمور. لأنّ التابوت فعلوت من التوب، أي: يأتيكم من جهته ما يرجع في ثبوت ملكه من الإذعان والطاعة والانقياد والمحبة له بإلقاء الله له ذلك في قلوبكم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" . أو ما يرجع إليه من الحالة النفسانية، والهيئة الشاهدة له على صحة ملكه { فيه سكينة من ربّكم } أي: ما تسكن قلوبكم إليه { وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون } في أولادهم من المعنى المسمّى "فر" وهو نور ملكوتيّ تستضيء به النفس باتصالها بالملكوت السماوية، واستفاضتها ذلك من عالم القدرة مستلزم لحصول علم السياسة وتدبير الملك والحكمة المزينة لها { تَحْمله الملائكة } أي: ينزل إليكم بتوسط الملائكة السماوية. ويمكن أنه كان صندوقاً فيه طلسم من باب نصرة الجيش وغيره من الطلسمات التي تذكر أنها للملك على ما يرى من أنه كان فيه صورة لها رأس كرأس الآدمي والهرّ، وذنب كذنبه كالذي كان في عهد أفريدون المسمى "درفش كاويان".