خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ
٥١
ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٥٢
وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
٥٣
وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَٰقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِٱتِّخَاذِكُمُ ٱلْعِجْلَ فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
٥٤
-البقرة

تفسير القرآن

{ وإذ وَاعَدنا مُوسى } بعد فراغه من مقاومة آل فرعون وإهلاكهم { أربعينَ ليلةً } يخلص لنا فيها لترفع بها الغشاوات الطبيعية التي حجبت قلبه عن معدن النور في الأربعين التي خلق فيها بدنه عند تكوّنه جنيناً واحتجابه بالنشأة عن الفطرة كما ورد في الحديث "خمر طينة آدم بيده أربعين صباحاً" . وعن وجه قلبه، وتظهر حكمة التوراة من قلبه على لسانه { ثم اتخذتم } عجل النفس الحيوانية الناقصة إلهاً من بعد اعتزاله وغيبته عنكم { وأنتم ظَالِمُون } واضعون العبادة في غير موضعها.
{ ثم عَفَونا عنكم من بعدِ ذلك } الفعل الشنيع، والظلم القبيح، بتوبتكم عند رجوع موسى إليكم لكي تشكروا نعمة عفوي بتصوّر تلك النعمة عن المنعم فتستعدّوا لقبول تجلّي صفة المنعم. وعلى التأويل الثاني: { واعدنا موسى } القلب عند تعلقه بالبدن واحتجابه عن قومه القوى الروحانية الأربعين التي خلقت فيها بنية بدنه ثم تعبّدتم عجل النفس الحيوانية الطفل من بعد غيبته واحتجابه في حال الصبا { ثم عفونا عنكم من بعد ذلك } التعبد بالبلوغ الحقيقيّ، وظهور نور القلب بتجرّدكم لكي تشكروا نعمة توفيقي إياكم لذلك التجرّد وتهيئتي لأسباب كمالكم بسلوك سبيل صفاتي.
{ وإذ آتينا موسى } القلب كتاب المعقولات والحكم والمعارف والتمييز الفارق بين الحق والباطل، لكي تهتدوا بنور هداه. وعلى الوجه الأول غنيّ عن التأويل. { ظلمتم أنفُسكم } نقصتم حقوقها وحظوظها من الثواب والتجليات المذكورة { فتُوبُوا } إلى خالقكم برفع الحجاب الأول لدلالة ذكر البارئ عليه { فاقتلوا أنْفُسكم } بسيف الرياضة ومنعها عن حظوظها وأفعالها الخاصة بها على سبيل الاستقلال وقمع هواها التي هي روحها التي تحيا هي بها، وعلى الثاني ألهم القلب قواه أنكم نقصتم حقوقكم بتعبد النفس فارجعوا إلى بارئكم بنور هداه فامنعوا أنفسكم بالرياضة عما ضربتم فاقتلوها عن حياتها العارضة لها بغلبة الهوى لتحيوا بحياتكم الأصلية فتقبل توبتكم.