خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً
١١١
وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً
١١٢
وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً
١١٣
فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً
١١٤
وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً
١١٥
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَىٰ
١١٦
فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ
١١٧
إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ
١١٨
وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ
١١٩
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَانُ قَالَ يٰآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ
١٢٠
فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ
١٢١
ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ
١٢٢
قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ
١٢٣
-طه

تفسير القرآن

{ وعنت الوجوه } أي: الذوات الموجودات بأسرها { للحيّ القيوم } وكلها في أسر مملكته وذلّ قهره وقدرته، لا تحيا ولا تقوم إلا به لا بأنفسها ولا بشيء غيره. { وقد خاب } عن نور رحمته وشفاعة الشافعين من ظلم نفسه بنقص استعداده وتكدير صفاء فطرته، فزال قبوله للتنوّر باسوداد وجهه وظلمته.
{ ومن يعمل من الصالحات } بالتزكية والتحلية { وهو مؤمن } بالإيمان التحقيقي { فلا يخاف } أن ينقص شيء من كمالاته الحاصلة ولا أن يكسر من حقه الذي يقتضيه استعداده الأصلي في المرتبة { لعلهم يتّقون } بالتزكية { أو يحدث لهم ذكراً } بالتحلية.
{ فتعالى الله } تناهى في العلوّ والعظمة بحيث لا يقدر قدره ولا يغدر أمره في ملكه الذي يعلو كل شيء ويصرفه بمقتضى إرادته وقدرته في عدله الذي يوفي كل أحد حقه بموجب حكمته { ولا تعجل } عند هيجان الشوق لغاية الذوق بتلقي العلم اللدني عن مكمن الجمع { من قبل } أن يحكم بوروده عليك ووصوله إليك، فإن نزول العلم والحكمة مترتب بحسب ترتب مراتب ترقيك في القبول. ولا تفتر عن الطلب والاستفاضة فإنه غير متناه، واطلب الزيادة فيه بزيادة التصفية والترقي والتحلية، إذ الاستزادة إنما تكون بدعاء الحال ولسان الاستعداد، لا بتعجيل الطلب والسؤال قبل إمكان القبول. وكلما علمت شيئاً زاد قبولك لما هو أعلى منه وأخفى. وقصة آدم وتأويلها مرّت غير مرة { ألاّ تجوع فيها ولا تعرى } إذ في التجرّد عن ملابسة الموادّ في العالم الروحاني لا يمكن تزاحم الأضداد ولا يكون التحليل المؤدّي إلى الفساد بل تلتذ النفس بحصول المراد آمنة من الفناء والنفاد.