{حتى إذا فتحت يأجوج} القوى النفسانية {ومأجوج} القوى البدنية بانحراف المزاج وانحلال التركيب {وهم من كل حدب} من أعضاء البدن التي هي محالها ومقارها {يَنْسِلون} الذهاب والزوال {واقترب الوعد الحق} من وقوع القيامة الصغرى بالموت، فحينئذ شخصت أبصار المحجوبين لشدّة الهول والفزع، داعين بالويل والثبور، ومعترفين بالظلم والقصور.
{إنكم وما تعبدون} أي: كل عابد منكم لشيء سوى الله محجوب به عن الحق، مرميّ مع معبوده الذي وقف معه في طبقة من طبقات جهنم، البعد والحرمان على حسب مرتبة معبوده {لهم فيها زفير} من ألم الاحتجاب وشدّة العذاب واستيلاء نيران الأشواق وطول مدة الحرمان والفراق {وهم فيها لا يسمعون} كلام الحق والملائكة لتكاثف الحجاب وشدّة طرق مسامع القلب لقوّة الجهل كما لا يبصرون الأنوار لشدّة انطباق الظلمة وعمى البصيرة.
{إنّ الذين سبقت لهم منّا} السعادة {الحسنى} وحكمنا بسعادتهم في القضاء السابق {أولئك عنها مبعدون} لتجرّدهم عن الملابس النفسانية والغشاوات الطبيعية {لا يسمعون حسيسها} لبعدهم عنها في الرتبة {وهم في ما اشتهت} ذواتهم من الجنات الثلاث وخصوصاً المشاهدات في جنة الذات {خالدون} {لا يحزنهم الفزع الأكبر} بالموت في القيامة الصغرى ولا بتجلي العظمة والجلال في القيامة الكبرى {وتتلقاهم الملائكة} عند الموت بالبشارة أو عند البعث النفساني بالسلامة والنجاة، أو في القيامة الوسطى والبعث الحقيقي بالرضوان أو عند الرجوع إلى البقاء بعد الفناء حال الاستقامة بالسعادة التامّة.