خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ
٧٩
وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ
٨٠
وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ
٨١
وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ
٨٢
-الأنبياء

تفسير القرآن

ولهذا قال: { ففهمناها سليمان } فإنّ العمل بالتقوى والرياضة على وفق الشرع والحكمة العملية أبلغ في تحصيل الكمال وإبرازه إلى الفعل من العلم الكلي والفكر والنظر والذوق والكشف { وكلاً آتينا حكماً وعلماً } إذ كل منهما على الصواب في رأيه والحكمة النظرية والعملية والمكاشفة والمعاملة كلتاهما متعاضدتان في طلب الكمال، متوافقتان في تحصيل كرم الخصال بهما.
{ وسخّرنا مع داود } الفؤاد، جبال الأعضاء { يسبحن } بألسنة خواصها التي أمرن بها ويسرن معه بسيرتها المخصوصة بها فلا تعصي ولا تمتنع عليه، فتكلّ وتثقل وتأبى أمره، بل تسير معه مأمورة بأمره، منقادة مطواعة لتأدبها وارتياضها وتعوّدها بأمره، وتمرّنها في الطاعات والعبادات، وطير القوى الروحانية يسبحنّ بالأذكار والأفكار والطيران في فضاء أرواح الأنوار { وكنا } قادرين على ذلك التسخير.
{ وعلمناه صنعة لبوس لكم } من الورع والتقوى ونعم الدرع الحصين الورع { لتحصنكم من } بأس القوى الغضبية السبعية واستيلاء الحرص والدواعي الطبيعية والقوى الوهمية الشيطانية { فهل أنتم شاكرون } حق هذه النعمة بالتوجه إلى الحضرة الربانية بالكلية.
{ ولسليمان } أي: سخّرنا لسليمان العقل العملي المتمكن على عرش النفس في الصدر ريح الهوى { عاصفة } في هبوبها { تجري بأمره } مطيعة له إلى أرض البدن المتدرب بالطاعة والأدب { التي باركنا فيها } بتثمير الأخلاق والملكات الفاضلة والأعمال الصالحة { وكنا بكل شيء } من أسباب الكمال { عالمين }.
{ ومن } شياطين الوهم والتخيّل { من يغوصون له } في بحر الهيولى الجسمانية يستخرجون درر المعاني الجزئية { ويعملون عملاً دون ذلك } من التركيب والتفصيل والمصنوعات وبهيج الدواعي المكسوبات وأمثالها { وكنا لهم حافظين } عن الزيغ والخطأ والتسويل الباطل والكذب.