خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ ٱللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّـٰهُ حِسَابَهُ وَٱللَّهُ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ
٣٩
أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ
٤٠
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ
٤١
وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ
٤٢
-النور

تفسير القرآن

{ والذين كفروا } حجبوا عن الدين { أعمالهم } التي يعملونها رجاء الثواب { كسراب بقيعة } لكونها صادرة عن هيئات خالية قائمة بساهرة نفس حيوانية { يحسبه الظمآن ماء } أي: يتوهمها صاحبها المؤمل لثوابها أموراً باقية لذيذة دائمة مطابقة لما توهمه { حتى إذا جاءه } في القيامة الصغرى { لم يجده } شيئاً موجوداً، بل خالياً، فاسداً، وظناً كاذباً، كما قال تعالى: { وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً } [الفرقان، الآية:23].
{ ووجد الله عنده } أي: وجد ملائكة الله من زبانية القوى والنفوس السماوية والأرضية عند ذلك التخيّل الموهوم يقودونه إلى نيران الحرمان وخزي الخسران، ويوفونه ما يناسب اعتقاده الفاسد وعمله الباطل من حميم الجهل وغساق الظلمة.
{ أو كظلمات } في بحر الهيولى اللجيّ العميق الغامر لجثة كل نفس جاهلة، محجوبة بهيئات بدنية، الغامس لكل ما يتعلق به من القوى النفسانية { يغشاه موج } الطبيعة الجسمانية { من فوقه } موج النفس النباتية { من فوقه } سحاب النفس الحيوانية وهيئاتها الظلمانية { ظلمات } متراكمة { بعضها فوق بعض إذا أخرج } المحجوب بها، المنغمسن المحبوس فيها { يده } القوة العاقلة النظرية بالفكر { لم يكد يراها } لظلمتها وعمى بصيرة صاحبها وعدم اهتدائه إلى شيء، وكيف يرى الأعمى الشيء الأسود في الليل البهيم؟.
{ ومن لم يجعل الله له نوراً } بإشراق أنوار الروح عليه من التأييد القدسيّ والمدد العقلي { فما له من نور }، { ألم تر أنّ الله يسبح له من في } عالم سماوات الأرواح بالتقديس وإظهار صفاته الجمالية { ومن في } عالم أراضي الأجساد بالتحميد والتعظيم وإظهار صفاته الجلالية، وطير القوى القلبية والسرية بالأمرين { صافات } مترتبات في مراتبها من فضاء السرّ، مستقيمات بنور السكينة، لا تتجاوز واحدة منها حدّها، كما قال:
{ وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات، الآية: 164].
{ كل قد علم صلاته } طاعته المخصوصة به من انقهاره وتسخره تحت قهره، وسلطنته علمية كانت أو عملية، ومن محافظته لتربيته وحضوره لوجهه تعالى فيما أمره به { وتسبيحه } إظهار خاصيته التي ينفرد بها، الشاهدة على وحدانيته { والله عليم } بأفعالهم وطاعاتهم.