خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ
٢٠
فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ
٢١
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ
٢٢
قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٢٣
قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ
٢٤
قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ
٢٥
قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ
٢٦
قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ
٢٧
قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
٢٨
قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ
٢٩
-الشعراء

تفسير القرآن

{ وأنا من الضالين } أي: لست من الكافرين لكون الصلاح في ذلك بل من الذين لا يهتدون إلى طريق الوحدة. { فوهب لي ربّي حكماً } أي: حكمة متعالية عن طريق البرهان وراء طور الكسب والعقل { وجعلني من المُرْسلين } إليكم بها. وأما تعبيد بني إسرائيل القوى التي هي قومي فليس بمنّة تمنها عليّ، بل عدوان وطغيان إذ لو لم تعبدهم لما ألقتني أمي الطبيعة البدنية في يمّ الهيولى في تابوت الجسد، ولقام بتربيتي أهلي وقومي من القوى الروحانية.
{ قال فرعون وما ربّ العالمين } قيل في القصة: إن فرعون كان منطقياً مباحثاً سأل بما هو عن حقيقته تعالى، فلما أجابه موسى عليه السلام بقوله: { رب السموات والأرض وما بينهما } وبيّن أنّ حقيقته لا تعرف بالحدّ لبساطتها، غير معلومة للعقل لشدّة نوريتها ولطافتها، بأن عرّفها بالصفة الإضافية والخاصة اللازمة، وعرّض به في تجهيله ونفي الإيقان عنه بقوله: { إن كنتم موقنين } أي: لو كنتم من أهل الإيقان لعلمتم أن لا طريق للعقل إلى معرفته إلا الاستدلال على وجوده بأفعاله الخاصة به، وأما حقيقته فلا يعرفها إلا هو وحده وما سألتم عنه بما مما لا يصل إليه نظر العقل. استخفه ونبّه قومه على خفة عقله وكون جوابه غير مطابق للسؤال تعجباً منه لقومه وتسفيهاً له، فلما ثنى قوله بمثل ما قال أولاً من إيراد خاصة أخرى جننه، فثلث بقوله: { إن كنتم تعقلون } أي: إن جننت فأين عقلكم حتى يعرف طوره ولم يتجاوز حدّه. وهذه المقالة إشارة إلى أن النفس المحجوبة بمعقولها لا تهتدي إلى معرفة الحق وحكمة الرسالة والشرع، ولا تذعن للمتابعة، ولا تنقاد للمطاوعة بل تظهر بالأنائية وطلب العلوم والربوبية والتغلب على الرسالة الإلهية وهو معنى قوله: { لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنّك من المسجونين }.