{ وأوحينا إلى أمّ موسى } أي: النفس الساذجة السليمة الباقية على فطرتها وهي اللوّامة { أن أرضعيه } بلبان الإدراكات الجزئية والعلوم النافعة الأولية { فإذا خفت عليه } من استيلاء النفس الأمّارة وأعوانها { فألقيه } في يمّ العقل الهيولاني والاستعداد الأصليّ أو في يمّ الطبيعة البدنية بالإخفاء { ولا تخافي } من هلاكه { ولا تحزني } من فراقه { إنّا رادّوه إليك } بعد ظهور التمييز ونور الرشد { وجاعلوه من المرسلين } إلى بني إسرائيل.
{ فالتقطه آل فرعون } من القوى النفسانية الظاهرة عليه، الغالبة على أمره، فإنه لا يصل إلى التمييز والرشد ولا يتوقى إلا بمعاونة التخيل والوهم وسائر المدركات الظاهرة والباطنة وإمدادها { ليكون لهم عدوّاً وحزناً } في العاقبة ويعلم أن أعدى عدوّه النفس التي بين جنبيه فيقهرها وأعوانها بالرياضة ويفنيها بالقمع والكسر والإماتة.
{ وقالت امرأة فرعون } أي: النفس المطمئنة العارفة بنور اليقين والسكينة حالة المحبة لصفائها له التي تستولي عليها الأمّارة وتؤثر فيها بالتلوين { قرّة عين لي } بالطبع للتناسب { ولك } بالتوسط ورابطة الزوجية والتواصل. وقيل، قال فرعون: لك لا لي. وعالجوا التابوت فلم ينفتح، ففتحته آسية بعدما رأت نوراً في جوفه فأحبّته { عسى أن ينفعنا } في تحصيل أسباب المعاش ورعاية المصالح وتدبير الأمور بالرأي { أو نتخذه ولداً } بأن يناسب النفس دون الروح، ويتبع الهوى، ويخدم البدن بالإصلاح، فيقوينا { وهم لا يشعرون } على أن الأمر على خلاف ذلك.
{ وأصبح فؤاد أمّ موسى } أي: النفس الساذجة اللوّامة { فارغاً } عن العقل من استيلاء فرعون عليها وخوفها منه لمقهوريتها له { إن كادت لتبدي به } أي: كادت تطيع النفس الأمّارة باطناً وظاهراً فلا تخالفها بسرها وما أضمرته من نور الاستعداد وحال موسى المخفي لكونه بالقوّة بعد { لولا أن ربطنا على قلبها } أي: صبّرناها وقوّيناها بالتأييد الروحي والإلهام الملكي { لتكون من المؤمنين } بالغيب لصفاء الاستعداد.