خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
١٢٠
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
١٢١
إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ
١٢٢
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٢٣
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ
١٢٤
بَلَىۤ إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مِّن فَوْرِهِمْ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ
١٢٥
-آل عمران

تفسير القرآن

{ وإن تصْبِروا } على ما يبتليكم الله به من الشدائد والمحن والمصائب، وتثبتوا على مقتضى التوحيد والطاعة { وتتقوا } الاستعانة بهم في أموركم والالتجاء إلى ولايتهم { لا يضرّكم كيدهم شيئاً } لأن المتوكل على الله، الصابر على بلائه، المستعين به لا بغيره، ظافر في طلبته، غالب على خصمه، محفوظ بحسن كلاءة ربه، والمستعين بغيره مخذول موكول إلى نفسه، محروم عن نصرة ربه. كما قال الشاعر:

من استعان بغير الله في طلب فإن ناصره عجز وخذلان

{ إن الله بما يعملون } من المكايد { محيط } فيبطلها ويهلكها، وقد قيل: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فازدد فضلاً في نفسك. فالصبر والتقوى من أجمل الفضائل إن لزمتموهما تظفروا على عدوّكم.
{ بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم } الآية... الصبر على مضض الجهاد وبذل النفس في طاعة الله، وتحمل المكروه طلباً لرضا الله لا يكون إلا عند التقوى بتأييد الحق وتنوّره بنور اليقين، وثباته بنزول السكينة والطمأنينة عليه، والتقوى في مخالفة أمر الحق والميل إلى النفع والغنيمة، وخوف تلف النفس لا تكون إلا عند انكسار النفس تحت قهر سلطان القلب والروح، إذ الثبات والوقار صفة الروح والطيش، والاضطراب صفة النفس، فإذا استولى سلطان الروح على القلب وأخذ مملكته عصمه من استيلاء صفات النفس وجنودها عليه، فيعشقه القلب ويسكن إليه لنورانيته المحبوبة لذاتها ويتقوّى به على النفس وقواها فيهزمها ويكسرها ويدفع غلبتها وظلمتها عن نفسه، ويجعلها ذلولاً مطيعة مطمئنة إليه فيزول عنها الاضطراب وتتنوّر بنوره وعند ذلك تنزل الرحمة، ويناسب القلب ملكوت السماء في نورانيتها وقهرها لما تحتها، ومحبتها وشوقها لما فوقها. وبذلك التناسب يصل بها ويستنزل قواها وأوصافها في أفعاله خصوصاً عند اهتياجه وانقلاعه عن الجهة السفلية، وانقطاعه بقوة اليقين والتوكل إلى الجهة العلوية. ويستمد من قوى قهرها على من يغضب عليه فذلك نزول الملائكة، وإذا جزع وهلع وتغير وخاف أو مال إلى الدنيا غلبته النفس وقهرته واستولت عليه وحجبته بظلمة صفاتها عن النور، فلم تبق تلك المناسبة، فانقطع المدد ولم تنزل الملائكة.