خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١٣
فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٤
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ
١٥
-السجدة

تفسير القرآن

{ لآتينا كل نفس هداها } بالتوفيق للسلوك مع المساواة في الاستعداد، ولكنه ينافي الحكمة لبقائهم حينئذ على طبيعة واحدة وبقاء سائر الطبقات الممكنة في حين الإمكان مع عدم الظهور أبداً، وخلوّ أكثر مراتب هذا العالم عن أربابها فلا تمشي الأمور الخسيسة والدنيئة المحتاج إليها في العالم التي تقوم بها أهل الحجاب والذلّة والقسوة والظلمة، البعداء عن المحبة والرحمة والنور والعزّة، فلا ينضبط نظام العالم ولا يتمّ صلاح المهتدين أيضاً لوجوب الاحتياج إلى سائر الطبقات، فإنّ النظام ينصلح بالمخافي وبالمظاهر فلو كانوا مظاهر كلهم أنبياء وسعداء لاختلّ بعدم النفوس الغلاظ وشياطين الإنس القائمين بعمارة العالم. ألا ترى إلى قوله تعالى: "إني جعلت معصية آدم سبباً لعمارة العالم"، فوجب في الحكمة الحقّة التفاوت في الاستعداد بالقوة والضعف والصفاء والكدورة والحكم بوجود السعداء والأشقياء في القضاء ليتجلى بجميع الصفات في جميع المراتب، وهذا معنى قوله: { ولكن حقّ القول مني } أي: في القضاء السابق { لأملأنّ جهنم } الطبيعة { من الجنّة } أي: النفوس الأرضية الخفيّة عن البصر { والناس أجمعين } { فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا } لاحتجابكم بالغشاوات الطبيعية والملابسة البدنية { إنّا نسيناكم } بالخذلان عن الرحمة لعدم قبولكم إياها وإدباركم { وذوقوا عذاب الخُلْد } بسبب أعمالكم، فعلى هذا التأويل المذكور تكون الخلد مجازاً وعبارة عن الزمان الطويل، أو يكون الخطاب بذوقوا لمن حقّ عليهم القول في القضاء السابق من الجنّة والناس.
{ إنما يؤمن } على التحقيق بآيات صفاتنا { الذين إذا ذُكِروا بها خرّوا } لسرعة قبولهم لها بصفاء فطرتهم { سجداً } فانين فيها { وسبّحوا بحمد ربّهم } أي: جرّدوا ذواتهم متّصفين بصفات ربّهم فذاك هو تسبيحهم وحمدهم له بالحقيقة { وهم لا يستكبرون } بظهور صفات النفس والأنائية.