خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
١
وَٱتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَـيْكَ مِن رَبِّكَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
٢
وَتَوَكَّلْ عَلَىٰ ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً
٣
مَّا جَعَلَ ٱللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ ٱللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَآءَكُمْ أَبْنَآءَكُمْ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَٱللَّهُ يَقُولُ ٱلْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي ٱلسَّبِيلَ
٤
ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥
ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٦
-الأحزاب

تفسير القرآن

{ يا أيها النبي اتقّ الله } بالفناء عن ذاتك بالكلية دون بقاء البقية { ولا تُطِع الكافرين } بموافقتهم في بعض الحجب لظهور الأنائية { والمنافقين } بالنظر إلى الغير فتكون ذا وجهين وبالانتهاء بحكم هذا النهي وصف بقوله: { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } [النجم، الآية:17]، { إن الله كان عليماً } يعلم ذنوب الأحوال { حكيماً } في ابتلائك بالتلوينات فإنها تنفع في الدعوة وإصلاح أمر الأمة إذ لو لم يكن له تلوين لم يعرف ذلك من أمّته فلا يمكنه القيام بهدايتهم { واتّبع } في ظهور التلوينات { ما يوحى إليك من ربّك } من التأديبات وأنواع العتاب والتشديدات بحسب المقامات كما ذكر غير مرة في قوله: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ } [الإسراء، الآية:74] وأمثاله { إن الله كان بما تعلمون خبيراً } يعلم مصادر الأعمال وأنها من - أي الصفات - تصدر من الصفات النفسانية أو الشيطانية أو الرحمانية فيهديك إليها ويزكيك منها ويعلمك سبيل التزكية والحكمة في ذلك { وتوكل على الله } في دفع تلك التلوينات ورفع تلك الحجب والغشاوات { وكفى بالله وكيلاً } فإنها لا ترتفع ولا تنكشف إلا بيده لا بنفسك وعلمك وفعلك، أي: لا تحتجب برؤية الفناء في الفناء فإنه ليس من فعلك سواء كان في الأفعال أو الصفات أو الذات أو إزالة التلوينات فإنها كلها بفعل الله لا مدخل لك فيها وإلا لما كنت فانياً.
{ النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم } لأنه مبدأ وجوداتهم الحقيقية ومبدأ كمالاتهم ومنشأ الفيضين الأقدس الاستعدادي أولاً والمقدس الكمالي ثانياً، فهو الأب الحقيقي لهم ولذلك كانت أزواجه أمّهاتهم في التحريم ومحافظة الحرمة مراعاة لجانب الحقيقة وهو الواسطة بينهم وبين الحق في مبدأ فطرتهم فهو المرجع في كمالاتهم ولا يصل إليهم فيض الحق بدونه لأنه الحجاب الأقدس واليقين الأول، كما قال:
"أول ما خلق الله نوري" ، فلو لم يكن أحبّ إليهم من نفسهم لكانوا محجوبين بأنفسهم عنه، فلم يكونوا ناجين، إذ نجاتهم إنما هي بالفناء فيه لأنه المظهر الأعظم.
{ وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين } بعضهم أولى ببعض من غيرهم للاتصال الروحاني والجسماني والأخوة الدينية والقرابة الصورية ولا تخلو القرابة من تناسب ما في الحقيقة لاتصال الفيض الروحاني بحسب الاستعداد المزاجي، فكما تتناسب أمزجة أولي الأرحام وهياكلهم الصورية فكذلك أرواحهم وأحوالهم المعنوية { إلا إن تفعلوا إلى أوليائكم } المحبوبين في الله للتناسب الروحي والتقارب الذات { معروفاً } إحساناً بمقتضى المحبة والاشتراك في الفضيلة زائداً عما بين الأقارب { كان ذلك في الكتاب } أي: اللوح المحفوظ { مسطوراً }.