خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ
١٧
إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ
١٨
وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ
١٩
وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ
٢٠

تفسير القرآن

وقوله: { اصبر على ما يقولون } معناه: داوم استقامتك في التوحيد، وعارض أذاهم بالصبر في التمكين، ولا تظهر نفسك في مقابلة أذاهم بالتلوين، فإنك قائم بالله متحقق بالحق فلا تتحرك إلا به { واذكر } حال أخيك { عبدنا } المخصوص بعنايتنا القديمة { داود ذا الأيد } أي: القوّة والتمكين والاضطلاع في الدين، كيف زلّ عن مقام استقامته في التلوين فلا يكن حالك في ظهور النفس حاله. ثم وصف قوّة حال داود عليه السلام وكماله بقوله: { إنه أوّاب } رجّاع إلى الحق عن صفاته وأفعاله بالفناء فيه.
{ إنّا سخّرنا } جبال الأعضاء معه { يسبحن } بالانقياد والتمرّن في الطاعة أوقات العبادة وقت عشيّ الاستتار واحتجاب نور شمس الروح بظهور النفس وإشراق التجلي وسلطان نور شمس الروح على النفس لا يتفاوت حاله في العبادة بالفترة والعزيمة في الوقتين لكمال تمرين نفسه وبدنه في الطاعة، وطير القوى بأجمعها { محشورة } مجموعة، متسالمة بهيئة العدالة والانخراط في سلك الوحدة في تسبيحاتها المخصوصة بكل واحدة منها { كل له أوّاب } رجّاع لتسبيحه بتسبيحه.
{ وشددنا ملكه } قوّيناه بالتأييد وإيتاء العزّة والهيبة، وإعطاء العز والقدرة لائتلاف نفسه بأنوار تجليات القهر والعظمة والكبرياء والعزّة واتصافه بصفاتنا الباهرة، فيهابه كل أحد ويجله ويذعن لسلطنته ويبجله { وآتيناه الحكمة } لاتصافه بعلمنا { وفصل الخطاب } والفصاحة المبينة للأحكام، أي: الحكمة النظرية والعملية والمعرفة والشريعة. وفصل الخطاب: هو المفصول، المبين من الكلام المتعلق بالأحكام.