خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ
٧٧
وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ
٧٨
قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ
٧٩
قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ
٨٠
إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ
٨١
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ
٨٢
إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ
٨٣
قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ
٨٤
لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ
٨٥

تفسير القرآن

والرجيم واللعين من بَعُدَ عن الحضرة القدسية المنزّهة عن المواد الرجسية بالانغماس في الغواشي الطبيعية والاحتجاب بالكوائن الهيولانية، ولهذا وقّت اللعن بيوم الدين وحدّد نهايته به، لأن وقت البعث والجزاء هو زمان تجرّد الروح عن البدن ومواده، وحينئذ لا يبقى تسلطه على الإنسان وينقاد ويذعن له في الوقت المعلوم الذي هو القيامة الكبرى فلا يكون ملعوناً كما قال عليه السلام: "إلا أن شيطاني أسلم على يدي" . والإنظار للإغواء واللعن ينتهيان إلى ذلك الوقت، لكن الذين أخلصهم الله لنفسه من أهل العناية عن شوب الكدورات النفسية وحجب البشرية والأنائية، وصفّى فطرتهم عن خلط ظلمة النشأة لا يمكنه إغواؤهم البتة في البداية أيضاً، فكيف في النهاية؟. واللعن إن ارتفع بإسلامه وانقياده هناك لكن لزمه كونه جهنمياً لملازمته الطبيعة الهيولانية والمادة الجسمانية فلا يتجرد أصلاً وإن كان قد يرتقي إلى سماء العقل والأفق الروحانية بالوسوسة والإلقاء ويتصل في جنة النفس بآدم عند الإغواء ولا يزال يطرد عن ذلك الجناب { فاخرج منها فإنك رجيم }.
وإنما أقسم على الإغواء بعزّته تعالى لأنه مسبّب عن تعزّزه بأستار الجلال وسرادقات الكبرياء، وتمنعه عن إدراك إبليس لفنائه بسحب الأنوار. وأقسم الله تعالى في مقابلته بالحق الثابت الواجب الذي لا يتغير على إملائه جهنم منه ومن أتباعه لوجود ذلك التعزز وملازمة هؤلاء جهنم دائماً أبداً على حاله لا يتغير ولا يتبدّل، لأن تجرّد المجرّد بالذات وتعلّق المتعلق بالطبع، أمر تقتضيه الذوات والأعيان والحقائق في الأزل غير عارض فلا يزال كذلك أبداً.