خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ
٤٢
مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ
٤٣
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ ءَاعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَـٰئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٤٤
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ
٤٥
مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ
٤٦
إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ
٤٧
وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ
٤٨
لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ
٤٩
وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ
٥٠
وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ
٥١
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ
٥٢
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
٥٣
أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ
٥٤
-فصلت

تفسير القرآن

وما اعتقدوه من باطلهم إذ { لا يأتيه الباطل من } جهة من الجهات لا من جهة الحق فيبطله بما هو أبلغ منه وأشدّ إحكاماً في كونه حقاً وصدقاً ولا من جهة الخلق فيبطلونه بالإلحاد في تأويله ويغيِّرونه بالتحريف لكونه ثابتاً في اللوح محفوظاً من جهة الحق، كما قال تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [الحجر، الآية:9].
{ قُلْ هو للذين آمنُوا هُدىً وشفاء } أي: هو للمؤمنين بالغيب هداية تهديهم إلى الحق وتبصرهم بالمعرفة وشفاء يزيل أمراض قلوبهم من الرذائل كالنفاق والشك أي: تبصرهم بطريق النظر والعمل فتعلمهم وتزكيهم { والذين لا يؤمنُون } من المحجوبين لا يسمعونه ولا يفهمونه بل يشتبه عليهم ويلتبس لاستيلاء الغفلة عليهم وسدّ الغشاوات الطبيعية والهيئات البدنية طرق أسماع قلوبهم وأبصارهم فلا ينفذ فيها ولا يتنبهوا بها ولا يتيقظوا كالذي ينادي من مكان بعيد لبعدهم عن منبع النور الذي يدرك به الحق ويرى، وانهماكهم في ظلمات الهيولى.
{ سنُريهم آياتنا في الآفَاقِ وفي أنْفسهم } أي: نوفقهم للنظر في تصاريفنا للممكنات وأحوالها { حتى يَتَبيَّن لهم } بطريق الاستدلال واليقين البرهاني { أنه الحق أو لم يكفِّ بربك } للذين شاهدوه من أهل العيان { أنَّه على كل شيء شهيد } حاضر مطلع، أي: لم يكف شهوده على مظاهر الأشياء في معرفته وكونه الحق الثابت دون غيره حتى تحتاج إلى الاستدلال بأفعاله أو التوسل بتجليات صفاته وهذا هو حال المحبوب المكاشف بالجذب قبل السلوك، والأول حال المحبّ السالك المجاهد لطلب الوصول.
{ ألا إنهم في مرية من لِقَاء ربّهم } لاحتجابهم بالكون عن المكوِّن والمخلوق عن الخالق { ألا إنه بكل شيء محيط } لا يخرج عن إحاطته شيء وإلا لم يوجد، إذ حقيقة كل شيء عين علمه تعالى ووجوده به، وعلمه عين ذاته وذاته عين وجوده، فلا يخرج شيء عن إحاطته إذ لا وجود لغيره ولا عين ولا ذات
{ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } [القصص، الآية:88] كما قال تعالى: { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [الرحمن، الآيات:26 - 27].