{ ولقَد فتنا قبلهم قوم فرعون } النفس الأمارة من قبط القوى الحيوانية { وجَاءَهم رَسُول كريم } هو موسى القلب الشريف المجرّد { أن أدّوا إليّ عباد الله } المخصوصين به من القوى الروحانية المأسورين في قيود طاعتكم، المستضعفين باستيلائكم، المستعبدين لقضاء حوائجكم وتحصيل مراداتكم من اللذات الحسيّة والشهوات البدنية { إنِّي لَكُم رَسُول أمين } بحصول علم اليقين المأمون من تغيره.
{ وأن لا تعلو على الله } بعصيانه وترك ما أدعوكم إليه واستكباركم { إنِّي آتيكم } بحجة واضحة من الحجج العقلية { وإنِّي عذت بربِّي وربّكم أن ترجمون } بأحجار الهيولى السفلية والأهواء النفسية والدواعي الطبيعية فتجعلوني بحيث لا حراك في طلب الكمالات الروحانية والأنوار الرحمانية وتهلكوني.
{ وإنْ لم تؤمنوا لي } بطاعتي ومشايعتي في التوجه إلى ربّي وطلب كمالي والتنور بأنواري { فَاعْتَزِلون } بعدم ممانعتي وترك محاجزتي ومعاوقتي في سيري وسلوكي { فدعا ربّه } بلسان التضرّع والافتقار { أنّ هؤلاء قَوْم مجرمون } في اكتساب المطالب الجرمية واللذات الحسيّة، منهمكون فيها، لا يرفعون منها رأساً.
{ فأسر } أي: فقال الله: أسر { بعبادي } الروحانيين من القوى العقلية والفكرية والحدسية والقدسية وصفاتك المخلصة إلى حضرة القدس وراء بحر الهيولى { ليلاً } وقت نعاس القوى الحسيّة وتعطل القوى البدنية { إنكم متّبعون } بمطالبتهم إياكم بكمالات الحسّ ومجاذبتهم لكم عن جناب القدس { واتْرك } بحر الهيولى والمواد الجسمانية ساكنة على قرارها ساجية عن أمواجها غير مزاحمة إياكم باضطراب أحوالها وانحراف مزاجها، ومتسعة طرقها منفرجة لنفوذ تلك القوى وسريانها وتصرفها فيها { إنهم جند مُغْرَقون } هالكون يتموّج البحر وطمسه إياهم عند خراب البدن.