ولتحقيق هذا الثواب لاطلاع الله تعالى على صفاء فطرتهم قال: {لَقَد رضي الله عن المُؤْمنين إذْ يُبَايعونك تحتَ الشَّجرة فعلم ما في قُلُوبهم} من الصدق والعزيمة على الوفاء بالعهد وحفظ النور المذكور {فأنزلَ السكينَةَ عليهم} بتلألؤ نور التجلي الصفاتي الذي هو نور كمالي على نور ذاتي فحصل لهم اليقين {وأثابهم} الفتح المذكور، فحصلوا على مقام الرضا ورضوا عنه بما أعطاهم من الثواب، ولو لم يسبق رضا الله عنهم لما رضوا {ومَغَانم كثيرة} من علوم الصفات والأسماء {يأخذونها وكان الله عزيزاً} حيث كانت قدرته فوق قدرتهم {حَكِيماً} حيث خبّأ في صورة هذا القهر الجليّ معنى هذا اللطف الخفي، إذ ظاهر قوله: {يد الله فوق أيديهم} قهر ووعيد حصل منه معنى قوله: {لقد رضي الله عن المؤمنين} الذي هو لطف محض.
{وعَدَكم الله مَغَانِم كثيرة تأخذونها} من علوم توحيد الذات {فعجل لكم هذه وكفَّ أيدِي} ناس صفاتكم عنكم {ولتكون آية} دالة، شاهدة {للمؤمنين} على توحيد الذات {ويهديكم} سلوك صراطه بعد العلم به {وأخرى} من علومه تعالى التي هي عين ذاته بعد فنائكم فيه وتحققكم به حال البقاء بعد الفناء {لم تقدروا عليها} إذ لا تكون إلا له {قد أحاطَ الله بِها} دون من سواه {وكانَ الله على كل شيء} من معلوماته {قديراً} والله أعلم.