خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ ٱللَّهُ وَلَوْ تَرَىۤ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ ٱلْمَوْتِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ بَاسِطُوۤاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوۤاْ أَنْفُسَكُمُ ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ
٩٣
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَّا خَوَّلْنَٰكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَىٰ مَعَكُمْ شُفَعَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَآءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ
٩٤
-الأنعام

تفسير القرآن

{ ومن أظلم ممن افترى على الله كَذِباً } بادّعاء الكمال والوصول إلى التوحيد والخلاص عن كثرة صفات النفس وازدحامها مع بقائها فيه فيكون في أقواله وأفعاله بالنفس وهو يدعي أنه بالله { أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء } أي: حسب مفتريات وهمه وخياله ومخترعات عقله وفكره وحياً من عند الله وفيضاً من الروح القدسي فتنبأ { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } أي: تفرعن بوجود أنائيته وتوهم التوحيد العلمي عينياً، فادعى الإلهية { ولو ترى إذ الظالمون } أي: هؤلاء الظلمة من المدّعين للكمال المحجوبين الذين يزعمون كون أفعالهم إلهية وهي نفسانية والمتنبئين والمتفرعنين { في غمرات الموت } أي: شدائده وسكراته لافتقادهم في دعواهم وغلطهم في حسبانهم أنهم قد فنوا عن أنفسهم وتجرّدوا عن ملابس أبدانهم مع شدّة تعلقهم بها وقوة محبة الدنيا ورسوخ الهوى فيهم لأنهم ما ماتوا بالموت الإراديّ والتجرّد عن الشهوات واللذات البدنية، وما فنوا عن صفات نفوسهم ودواعيها حتى يسهل عليهم الموت الطبيعي { والملائكة } أي: قوى العالم التي كانت تمدّ قواهم النفسانية من النفوس الكوكبية والفلكية وتأثيراتها التي كانت تستولي عليهم في حياتهم مع ظنهم أنهم تخلصوا منها بالتجرّد كما أشرنا إليه { باسطو أيديهم } قوية التأثير فيهم، بالغة فيه كنه قواها وقدرها { أخرجوا أنفسكم } أي: تعنفهم وتقهرهم لشدّة تعكفهم وكثرة تحسرهم وصعوبة مفارقة الأبدان عليهم { اليوم تُجْزون عذاب الهون } والصغار بوجود صفات نفوسكم وهيآتها المظلمة المؤذية وحجب أنائيتكم وتفرعنكم كما قال: { { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } [الأنعام، الآية: 139] { بما كنتم تقولون على الله غير الحق } أي: بسبب افترائكم على الله، أعمالكم وأقوالكم الصادرة من صفات نفوسكم وأهوائها { وكنتم عن آياته تَسْتَكبرون } وبسبب احتجابكم بأنائيتكم وتفرعنكم معجبين بصفاتكم غير مذعنين بمحوها لصفاتنا محجوبين عنها بوجودها مستكبرين بها عنها.
{ ولقد جئتمونا فرادى } مجرّدين عن الصفات والعلائق والأهل والأقارب والوجود بالاستغراق في عين جمع الذات { كما خلقناكم أول مرة } بإنشاء ذرات هوياتكم في الأزل عند أخذ الميثاق { وتركتم ما خوّلناكم } من الوسائل والعلوم والفضائل { وراء ظهوركم وما نرى معكم } وسائلكم وأسبابكم وما آثرتموه بهواكم وتعلقتم بها من محبوباتكم ومعبوداتكم { الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء } بمحبتكم إياها وتعبدكم لها ونسبتكم التأثير إليها واعتباركم واعتدادكم بها قد وقع التفرّق بينكم بتغير الأحوال وتبدّل الصور والأشكال { وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون } شيئاً موجوداً بشهودكم ثناء الكل في الله.