خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي ٱلأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ ٱلنَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
٢٦
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
٢٧
وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ
٢٨
يِٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ
٢٩
وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ
٣٠
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
٣١
وَإِذْ قَالُواْ ٱللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٣٢
وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
٣٣
-الأنفال

تفسير القرآن

{ واذكروا إذ أنتم قليل } القدر، لجهلكم وانقطاعكم عن نور العلم { مُسْتَضعفون في } أرض النفس { تخافون أن يتخطفَكُم الناس } أي: ناس القوى الحسيّة لضعف نفوسكم { فآواكم } إلى مدينة العلم { وأيدكم بنصره } في مقام توحيد الأفعال { ورزقكم من } طيبات علوم تجليات الصفات { لعلكم تشكرون } نعمة العلوم والتجليات بالسلوك فيه. { لا تخُونُوا الله } بنقض ميثاق التوحيد الفطري السابق { و } تخونوا { الرسول } بنقض العزيمة ونبذ العقد اللاحق { وتخونوا أماناتكم } من المعارف والحقائق التي استودع الله فيكم بحسب الاستعداد الأول في الأزل بإخفائها بصفات النفس { وأنتم تعلمون } أنكم حاملوها، أو تعلمون أنّ الخيانة من أسوأ الرذائل وأقبحها. { واعْلَموا أنما أمْوَالكم وأولادكم فِتْنَة } أي: حجاب لكم لاشتغالكم بها عن الله، أو شرك لمحبتكم إياها كحبّ الله { وأنّ الله عنده أجرٌ عظيمٌ } فاطلبوه بالتجرّد عنها ومراعاة حق الله فيها.
{ إن تتقوا الله } بالاجتناب عن نقض العهد وفسخ العزيمة وإخفاء الأمانة ومحبة الأموال والأولاد حتى تفنوا فيه { يجعل لكم فرقاناً } نوراً يفرق به بين الحق والباطل من طور العقل الفرقاني { ويكفر عنكم سيئاتكم } أي: سيئات نفوسكم { ويغفر لكم ذنوبكم } أي: ذنوب ذواتكم { والله ذو الفضل العظيم } بإعطاء الوجود الموهوب الحقاني والعقل الفرقاني.
{ وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } لأن العذاب صورة الغضب وأثره فلا يكون إلا من غضب النبي أو من غضب الله المسبب من ذنوب الأمة، والنبي عليه السلام كان صورة الرحمة لقوله تعالى:
{ { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 107] ولهذا إذ كسروا رباعيته قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون" ، ولم يغضب كما غضب نوح عليه السلام، وقال: { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح، الآية: 26] فوجوده فيهم مانع من نزول العذاب، وكذا وجود الاستغفار. فإنّ السبب الأولي للعذاب لما كان وجود الذنب، والاستغفار مانع من تراكم الذنب وثباته بل يوجب زواله فلا يتسبب لغضب الله، فما دام الاستغفار فيهم فهم لا يعذبون.