خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١
-التوبة

تفسير القرآن

{ بَرَاءَة من الله ورَسوله } الآية، لما لم يتمكن الرسول في الاستقامة لمكان تلوينه بظهور صفاته تارة وبوجود البقية تارة أخرى، على ما دلّ عليه القرآن في مواضع العتاب والتثبيت كقوله: { عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ } [عبس، الآية: 1]، وقوله: { وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً } [الإسراء، الآية: 74]، { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ } [التوبة، الآية: 43]، { { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ } [الأنفال، الآية: 67]، فلم يصل أصحابه من المؤمنين إلى مقام الوحدة الذاتية لاحتجابهم تارة بالأفعال وتارة بالصفات كان بينهم وبين المشركين مناسبة وقرابة جنسية وآل فبتلك الجنسية عاهدوهم لوجود الاتصال بينهم. ثم لما امتثل النبيّ عليه الصلاة والسلام والمؤمنون قوله تعالى: { { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ } [هود، الآية: 112] وبلغ غاية التمكين وارتفعت الحجب الإفعالية والصفاتية و الذاتية عن وجه السالكين من أصحابه حتى بلغوا مقام التوحيد الذاتي. ارتفعت المناسبة بينهم وبين المشركين ولم تبق بينهم جنسية بوجه ما وتحققت الضديّة والمخالفة وحقّت الفرقة والعداوة فنزلت براءة من الله ورسوله { إلى الذين عَاهَدتم من المُشْركين } أي: هذه الحالة حالة الفرقة والمباينة الكلية بيننا والتبرّي الحقيقيّ من الله باعتبار الجمع ورسوله باعتبار التفصيل إليهم فتبرّأوا منهم ظاهراً كما تبرأوا منهم باطناً، ونبذوا عهدهم في الصورة كما نبذوا عهدهم في الحقيقة.