خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠٣
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ ثم ننجى رسلنا والذين آمنو } عطف على محذوف دل عليه قوله مثل ايام الذين خلوا كانه قيل نهلك الامم ثم ننجى رسلنا ومن آمن بهم عند نزول العذاب على حكاية الحال الماضية فان المراد اهلكنا ونجينا { كذلك } اى مثل ذلك الانجاء { حقا علينا } اعتراض بين الفعل ومعموله ونصبه بفعله المقدر اى حق ذلك علينا { ننجى المؤمنين } من كل شدة وعذاب ولم يذكر انجاء الرسل ايذانا بعدم الحاجة اليه.
وفيه تنبيه على ان مدار النجاة هو الايمان وهذه سنة الله تعالى فى جميع الامم فان الله تعالى كما انجى الرسل المتقدمين ومن آمن بهم وانجز وما عدلهم كذلك انجى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومن معه من اصحابه وحقق لهم ما وعد لهم وسينجى الى قيام الساعة جميع المؤمنين من ايدى لكفرة وشرورهم ما دام الشرع باقيا والعمل به قائما: قال السعدى قدس سره

محالست جون دوست دارد ترا دردست دشمن كذارد ترا

واقل النجاة الموت فان الموت تحفة المؤمن ألا ترا الى قوله عليه السلام حين مرّ بجنازة مستريح او مستراح منه فالاول هو الرجل الصالح يتخلص من تعب الدنيا ويستريح فى البرزخ بالثواب الروحانى وهو نصف النعيم والثانى هو الرجل الفاسق يستريح بموته الخلق ويتخلصون بموته من اذاه ويصل هو الى العذاب الروحانى البرزخى وهو نصف الجحيم نعوذ بالله تعالى منه
والحديث المناسب لآية الانتظار والانجاء قوله صلى الله تعالى عليه وسلم
"افضل العبادة انتظار الفرج" وذلك لان فيه استراحة القلب وثواب الصبر اذ المؤمن المبتلى يعتقد ان المبتلى هو الله تعالى وانه لا كاشف له الا هو وذلك يخفف ألم البلاء عنه ويهون عليه الصبر فيرفع الجزع ويجد الاستراحة فى قلبه بخلاف حال الجاهل الذى لا يخطر بباله ان ما يجرى عليه انما هو بقضاء الله وان الله لطيف بعباده اذ ربما يعتقد انه لا يتخلص من بلائه فينسب العجز الى الله تعالى من حيث لا يحتسب ويتقلب فى الم البلاء صباحا ومساء فتعوذ بالله منه: قال الحافظ

اى دل صبور باش مخور غم كه عاقبت اين شام صبح كردد واين شب سحر شود

وفى الحديث "اشتدى ازمة تنفرجى" خاطب عليه السلام السنة المجدبة فقال ابلغى فى الشدة والمشتقة الغاية تنكشفى وفيه تنبيه على ان لا بقاء للمحنة فى دار الدنيا كما لا بقاء للنعمة. والازمة القحط والشدة وقيل ازمة امرأة وقعت فى الطلق عليه السلام اى ازمة اشتدى يعنى ابلغى فى الشدة الغاية تنفرجى حتى تجدى الفرج عن قريب بالوضع والعرب تقول اذا تناهت الشدة انفرجت. وقد عمل ابو الفضل يوسف بن محمد الانصارى المعروف بابن النجوى لفظ الحديث مطلع قصيدة فى الفرج بديعة فى معناها كذا فى المقاصد الحسنة لخاتمة الحافظ والمحدثين الامام السخاوىرحمه الله سبحانه