خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ بِٱلْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
١١
وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولو يعجل الله } [واكر تعجيل كند خداى تعالى] { للناس الشر استعجالهم بالخير } التعجيل تقديم الشيء قبل وقته والاستعجال طلب العجلة والمراد بالشر العذاب وسمى به لانه اذى مكروه فى حق المعاقب -روى- ان النضر بن الحارث قال منكرا لنبوته عليه السلام اللهم ان كان محمدا حقا في ادعاء الرسالة فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم وكانوا يستعجلون العذاب المتوعد به من لسان النبوة فقال تعالى { ولو يعجل الله للناس الشر } والعذاب حيث استعجلوه استعجالا مثل { استعجالهم بالخير } والرحمة والعافية { لقضى اليهم اجلهم } لادى اليهم الاجل الذى عين لعذابهم واميتوا واهلكوا بالمرة وما امهلوا طرفة عين لان تركيبهم فى الدنيا لا يحتمل ما استعجلوه من العذاب ولكن لا نعجل ولا نقضى { فنذر الذين } اى نترك فالفاء للعطف على مقدر لا على يعجل اذ لو كان كذلك لدخل في الامتناع الذى يقتضيه لو وليس كذلك لان التعجيل لم يقع وتركهم في طغيانهم يقع كما في تفسير ابى البقاء { لا يرجون لقاءنا } لا يتوقعون جزاءنا في الآخرة التى هى محل اللقاء لانكارهم البعث { فى طغيانهم } الذى هو عدم رجاء اللقاء وانكار البعث والجزاء وهو متعلق بنذر او بقوله { يعمهون } اى حال كونهم متحيرين ومترددين وذلك لانه لا صلاح ولا حكمة فى اماتتهم واهلاكهم عاجلا اذر بما آمنوا بعد ذلك او ربما خرج من اصلابهم من يكون مؤمنا ولذلك لا يعالجهم الله تعالى بايصال الشر اليهم بل يتركهم امهالا لهم واستدراجا. قال الحدادى الآية عامة فى كل من يستعجل العقاب الذى يستحقه بالمعاصى ويدخل فيها دعاء الانسان على نفسه وولده وقومه بما يكره ان يستجاب له مثل قول الرجل اذا غضب على ولده اللهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لنفسه رفعنى الله من بينكم وفى الحديث "دعاء المرء على محبوبه غير مقبول" وعن ابن عمر رضى الله عنهما رفعه "انى سئلت الله لا يقبل دعاء حبيب على حبيبه" ولكن قد صح "ان دعاء الوالد على ولده لا يرد" فيجمع بينهما كما فى المقاصد الحسنة. وقال شهر بن حوشب قرأت فى بعض الكتب ان الله تعالى يقول للملكين الموكلين لا تكتبا على عبدى فى حال ضجره شيئا. ثم بين الله تعالى انهم كاذبون فى استعجال العذاب بناء على انه لو نزل بالانسان ادنى شيء يكرهه لا يصبر عليه بل يتضرع الى الله فى ازالته عنه فقال { واذا مس الانسان } اصابه { الضر } جنس الضر من مرض وفقر وغيرهما من الشدائد اصابة يسيرة { دعانا } [بخواند مارا باخلاص براى ازاله او] { لجنبه } اللام بمعنى على كما فى قوله تعالى { { يخرون للاذقان } اى دعانا كائنا على جنبه اى مضطجعا او ملقى لجنبه على الارض لما به من المرض واللام على بابها { او قاعدا او قائما } وذلك ان من الضرر ما يغلب الانسان ويجعله صاحب فراش يضطره الى الاضطجاع ومنه ما يكون اخف من ذلك ويجعله بحيث يقدر على القعود ومنه ما يتمكن الانسان معه على القيام لا غير. ففائدة الترديد تعميم الدعاء لجميع اصناف الضرر. ويجوز ان يكون لجميع الاحوال اى دعانا فى جميع احواله مما ذكر وما لم يذكر لازالة ما يضر عنه فى حال ما من احواله. وتخصيص المعدودات بالذكر لعدم خلو الانسان عنها عادة { فلما كشفنا عنه ضره } رفعناه وازلناه بسبب اخلاصه فى الدعاء { مر } مضى على طريقته التى كان ينتحيها قبل مساس الضر ونسى حالة الجهد والبلاء واستمر على كفره { كأن } اى كأنه { لم يدعنا الى ضر مسه } اى مشبها بمن لم يدع الى كشف ضره فهو حال من فاعل مر وهذا وصف للجنس باعتبار حال بعض افراده ممن هو متصف بهذه الصفات { كذلك } اى مثل ذلك التزيين. فالكاف اسم منصوب المحل على انه صفة مصدر محذوف لقوله { زين للمسرفين ما كانوا يعملون } من الاعراض على التضرع والانهماك فى الشهوات حين انكشاف الضر عنهم. وسمى الكافر مسرفا لكونه مسرفا فى امر دينه متجاوزا عن الحد فى الغفلة عنه فانه لا شبهة فى ان المرء كما يكون مسرفا فى الانفاق فكذا يكون مسرفا فى اتباع الهوى وتضييع العمر فيما لا يعنيه بل يضره: قال الصائب

ازين جه سود كه دركلستان وطن دارم مراكه عمر جو نركس بخواب ميكذرد