خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلاۤ إِنَّ أَوْلِيَآءَ ٱللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ
٦٢
-يونس

روح البيان في تفسير القرآن

{ الا } تنبهوا واعلموا { ان اولياء الله } اى احباء الله واعداء نفوسهم فان الولاية هى معرفة الله ومعرفة نفوسهم فمعرفة الله رؤيته بنظر المحبة ومعرفة النفس رؤيتها بنظر العداوة وعند كشف العداوة عند كشف غطاء احوالها واوصافها فاذا عرفتها حق المعرفة وعلمت انها عدوة الله لك وعالجتها بالمعاندة والمكابدة أمنت مكرها وكيدها وما نظرت اليها بنظر الشفقة والرحمة كما فى التأويلات النجمية.
قال المولى ابو السعودرحمه الله الولى لغة القريب والمراد باولياء الله خلص المؤمنين لقربهم الروحانى منه سبحانه انتهى لانهم يتولونه تعالى بالطاعة اى يتقربون اليه بطاعته والاستغراق فى معرفته بحيث رأوا دلائل قدرته وان سمعوا سمعوا آياته وان نطقوا بالثناء عليه وان تحركوا تحركوا فى خدمته وان اجتهدوا واجتهدوا فى طاعته { لا خوف عليهم } فى الدارين من لحوق مكروه والخوف انما يكون من حدوث شيء من المكاره فى المستقبل { ولا هم يحزنون } من فوات مطلوب والحزن انما يكون من تحقق شيء مما كرهه فى الماضى او من فوات شيء احبه فيه اى لا يعتريهم ما يوجب ذلك لا انه يعتريهم لكنهم لا يخافون ولا يحزنون ولا انه لا يعتريهم خوف وحزن بل يستمرون على النشاط والسرور كيف لا واستشعار الخوف والخشية استعظاما لجلال الله وهيبته واستقصارا للجد والسعى فى اقامة حقوق العبودية من خصائص الخواص والمقربين.
ولذا قال فى الكواشى { لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } فى الآخرة والا فهم اشد خوفا وحزنا فى الدنيا من غيرهم انتهى.
وانما يعتريهم ذلك لان مقصدهم ليس الا طاعة الله ونيل رضوانه انه المستتبع للكرامة والزلفى وذلك مما لا ريب فى حصوله ولا احتماله لفواته بموجب الوعد بالنسبة اليه تعالى واما ما عدا ذلك من الامور الدنيوية المترددة بين الحصول والفوات فهى بمعزل من الانتظام فى سلك مقصدهم وجودا وعدما حتى يخافوا من حصول ضارها او يحزنوا بفوات نافعها كما فى الارشاد. والتحقيق انهم لفنائهم فى عين الهوية الاحدية لم يبق فيهم بقية ولا غاية ما وراء ما بلغوا حتى يخافوا ويحزنوا كما فى نفائس المجالس لحضرة الهدائى قدس سره