خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ
١٠٥
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ يوم يأت } اى حين يأتى ذلك اليوم المؤخر بانقضاء اجله وهو يوم القيامة فلا يلزم ان يكون للزمان زمان وذلك لان الحين مشتمل على ذلك اليوم وغيره من الاوقات ولا محذور فى كونه الزمان جزأ من زمان آخر ألا ترى ان الساعة جزء من اليوم واليوم من الاسبوع والاسبوع من الشهر وعلى هذا ويأت بحذف الياء اجتزاء عنها بالكسرة كما قالوا لا ادر ولا ابال وهو كثير فى لغة هذيل -روى- عن عثمان رضى الله عنه انه عرض عليه المصحف فوجد فيه حروفا من اللحن فقال لو كان الكاتب من ثقيف ولمملى من هذيل ما وجد فيه هذه الحروف فكأنه مدح هذيلا بالفصاحة والناصب للظرف قوله { لا تكلم نفس } لا تتكلم بما ينفع وينجى من جواب او شفاعة { الا باذنه } اى باذن الله تعالى كقوله تعالى { لا يتكلمون الا من اذن له الرحمن وقال صوابا } وقوله { { من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه } ويوم القيامة يوم مقداره الف سنة من سنى الدنيا ففيه مواقف وازمنة واحوال مختلفة يتكلمون فى بعضها ويتساءلون كما قال { { يوم تأتى كل نفس تجادل عن نفسها ولا يتكلمون } فى بعضها لشدة الهول والفزع وظهور سطوة آثار القهر او لعدم الاذن لهم فى الكلام كما قال { { هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون } ويختم فى بعضها على افواههم وتتكلم ايديهم وتشهد ارجلهم.
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال النبى صلى الله عليه وسلم
"تمكثون الف عام فى الظلمة لا تتكلمون" : قال السعدى قدس سره
[اكر تيغ قهر بركشد ولى وبنى سردر كشد وكر غمزه لطف بجنباند بدارنرا بنيكان رساند]

كر بمحشر خطاب قهر بود ابيارا جه جاى معذرتست
برده از لطف كوبردار كاشقيارا اميد مغفرتست

{ فمنهم } اى من الناس المذكور فى قوله مجموع له الناس او من اهل الموقف المدلول عليهم بقوله لا تكلم نفس { شقى } وجبت له النار بموجب الوعيد { وسعيد } اى ومنهم سعيد وجبت له الجنة بمقتضى الوعد. وتقديم الشقى على السعيد لان المقام مقام التحذير والانذار.
قال فى التبيان علامة الشقاوة خمسة اشياء قساوة القلب وجمود العين والرغبة فى الدنيا وطول الامل وقلة الحياء. وعلامة السعادة خمسة اشياء لين القلب وكثرة البكاء والزهد فى الدنيا وقصر الامل وكثرة الحياء.
وفى التأويلات النجمية { شقى } محكوم عليه بالشقاوة فى الازل { وسعيد } محكوم عليه بالسعادة فى الازل. وعلامة الشقاء الاعراض عن الحق وطلبه الاصرار على المعاصى من غير ندم عليها والحرص على الدنيا حلالها وحرامها واتباع الهوى والتقليد والبدعة. وعلامة السعادة الاقبال علىالله وطلبه والاستغفار من المعاصى والتوبة الى الله والقناعة باليسير من الدنيا وطلب الحلال منها واتباع السنة واجتناب البدعة ومخالفة الهوى انتهى [شيخ ابو سعيد خراز قدس سره فرموده كه حق سبحانه وتعالى درين سوره دوكار عظيم بيان فرموده يكى سياست جبارى وسطوت قهارى كه دمار از روز كار كفار بر آورده ديكر حكم ازلى كه بشقاوت وسعادت خلق شرف نفاذ يافته وحضرت رسالت از هيبت آن خبر وسطوت اين حكم فرموده كه (شيبتنى سورة هود)]

آن يكى را ازازل لوح سعادت بركنار وين يكى را تا ابد داغ شقاوت برجبين
عدل اوميرانداين را سوى اصحاب شمال فضل او ميخواند انرا نزد اصحاب يمين

قال ابن الشيخ فى حواشيه قوله تعالى { فمنهم شقى وسعيد } ظاهره يدل على ان اهل الموقف لا يخرجون عن هذين القسمين اللذين. احدهما مخلد فى النار ابدا الا ما شاء ربك. وثانيهما مخلد فى الجنة ابدا الا ما شاء ربك فيلزم ان يكون اطفال المشركين والمجانين الذين لم يعلموا صالحا غير خارجين عنهما فان قلت انهم من اهل الجنة فبلا ايمان وان قلت انهم من اهل النار فبلا ذنب فاعلم ان امرهم فيما يتعلق بالامور الدنيوية تبع لاشرف الابوين وفيما يتعلق بامر الآخرة من الثواب والعقاب معلوم مما روى عن ابى هريرة رضى الله عنه انه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اطفال المشركين أهم من اهل الجنة ام من اهل النار فقال عليه السلام "الله اعلم بما كانوا عاملين من الكفر والايمان ان عاشوا وبلغوا" وتحقيق هذا المقام ان الله تعالى يحشر يوم القيامة اصحاب الفترات والاطفال الصغار والمجانين فى صعيد واحد لاقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب للعمل فى اصحاب الجنة فاذا حشروا فى صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبى من افضلهم وتمثل لهم نار يأتى بها هذا النبى المبعوث فى ذلك اليوم فيقول لها انا رسول الله اليكم فيقع عند بعضهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ويقول لهم اقتحموا هذه النار لانفسكم فمن اطاعنى نجا ومن عصانى وخالف امرى هلك وكان من اهل النار فمن امتثل ارمه منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال ثواب العمل ووجد تلك النار بردا وسلاما ومن عصاه استحق العقوبة ودخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من الله تعالى فى عباده هكذا ورد فى صحيح الاخبار