خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ
٣١
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ ولا اقول لكم } حين ادعى النبوة { عندى خزائن الله } اى عندى رزق الله وامواله حتى تستدلوا بعدمها على كذبى بقولكم وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين فان النبوة اعز من ان تنال باسباب دنيوية ودعواها بمعزل عن ادعاء المال والجاه.
قال سعدى المفتى يعنى لا ادعى وجوب اتباعى بكثرة المال والجاه حتى تنكروا فضلى وانما ادعى وجوبه لانى رسول من الله وقد جئت ببينة تشهد على ذلك { ولا اعلم الغيب } اى لا ادعى فى قولى انى لكم نذير مبين انى اخاف عليكم عذاب يوم اليم العلم على الغيب حتى تسارعوا الى الانكار والاستبعاد.
وقال سعدى المفتى الظاهر انهم حين ادعى النبوة سألوه عن المغيبات وقالوا ان كنت صادقا فى دعواك فاخبرنا عن كذا وكذا فقال انا ادعى النبوة وقد جئتكم بآية من ربى ولا اعلم الغيب الا باعلامه ولا يلزم من ان يكون سؤالهم مذكورا فى النظم ان سؤال طردهم كذلك { ولا اقول } لكم { انى ملك } حتى تقولوا ما نراك الا بشرا مثلنا فان البشرية ليست من موانع النبوة بل من مباديها. يعنى انكم اتخذتم فقدان هذه الامور الثلاثة ذريعة الى تكذيبى والحال انى لا ادعى شيئا من ذلك ولا الذى ادعيه يتعلق بشيء منها وانما يتعلق بالفضائل النفسانية التى بها تتفاوت مقادير البشر { ولا اقول } مساعدة لكم كما تقولون { للذين تزدرى اعينكم } زراه اذا عابه واستصغره اى لاجل المؤمنين الذين تزدريهم اعينكم لفقرهم وفى شانهم ولو كانت اللام للتبليغ لكان القياس لن يؤتيكم بكاف الخطاب واسناد الازدراء الى الاعين للمبالغة والتنبيه على انهم استرذلوهم بادى الرؤية من غير روية وبما عاينوا من رثاثة حالهم وقلة منالهم دون تأمل فى معانيهم وكمالاتهم: قال السعدى

معانيست درزير حرف سباه جودر برده معشوق ودرميغ ماه
بسنديده ونغز بايد خصال كه كاه آيد وكه رود جاه ومال

يقول الفقير الظاهر ان اسناد الازدراء الى الاعين انما هو بالنسبة الى ظهوره فيها كما يقال فلان نظر الى فلان بعين التحقير دون عين التعظيم وهذا لا ينافى كونه من صفات القلب فى الحقيقة { لن يؤتيهم الله خيرا } فى الدنيا او فى الآخرة فعسى الله ان يؤتيهم خير الدارين وقد وقع كما قال فى نطق الانبياء عليهم السلام انما هو من الوحى والالهام حيث اورثهم الله ارضهم وديارهم بعد عزتهم { الله اعلم بما فى انفسهم } من الايمان والمعرفة ورسوخهم فيه { انى اذا } اى اذ قلت ذلك { لمن الظالمين } لهم بحط مرتبتهم ونقص حقوقهم او من الظالمين لانفسهم بذلك فان وباله راجع الى انفسهم. وفيه تعريض بانهم ظالمون فى ازدرائهم واسترذالهم
وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { المسلم اخو المسلم } المراد اخوة الاسلام { لا يظلمه } بنقصه حقه او بمنعه اياه { ولا يخذله } بترك الاعانة والنصرة اذا استعان به فى دفع ظالم ونحوه { ولا يحقره } اى لا يحتقره ولا يستكبر عليه. والاحتقار بالفارسية [خوارداشتن] (التقوى ههنا التقوى ههنا التقوى ههنا) ويشير الى صدره واصل التقوى الاجتناب والمراد ههنا اجتناب المعاصى وكان المتقى يتخذ له وقاية من عذاب الله تعالى بترك المخالفة. وقوله ههنا اشارة الى ان الاعمال الظاهرة لا تحصل بها التقوى وانما تحصل بما يقع من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته فمن كانت التقوى فى قلبه فلا ينظر الى احد بعين الحقارة (بحسب امرئ من الشر ان يحقر اخاه المسلم) يعنى يكفيه من الشر احتقاره اخاه المسلم (كل المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله) العرض موضع المدح والذم من الانسان كما فى فتح القريب.
وقال ابن الملك عرض الرجل جانبه الذى يصونه