خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
٨٦
-هود

روح البيان في تفسير القرآن

{ بقيت الله } اى ما ابقاه الله لكم من الحلال بعد ترك الحرام فهى فعيلة بمعنى المفعول واضافتها للتشريف كما فى بيت الله وناقة الله فان ما بقى بعد ايفاء الكيل والوزن من الرزق الحلال يستحق التشريف { خير لكم } مما تجمعون بالبخس والتطفيف فان ذلك هباء منثور بل شر محض وان زعمتم ان فيه خيرا كما قال تعالى { { يمحق الله الربا ويربى الصدقات
} قال فى شرح الشرعة ولا يخون احد فى مبايعته بالحيل والتلبيس فان الرزق لا يزيد بذلك بل تزول بركته فمن جمع المال بالحبل حبة حبة يهلكه الله جملة قبة قبة وييقى عليه وزره ذرة كرجل كان يحلط اللبن بالماء ليرى كثيرا فجاء السيل وقتل بقره فقالت صبيته يا ابت قد اجتمع المياه التى جعلتها فى اللبن وقتلت البقر { ان كنتم مؤمنين } بشرط ان تؤمنوا وانما شرط الايمان فى خيرية ما بقى بعد الايفاء لان فائدته وهى حصول الثواب والنجاة من العقاب انما تظهر مع الايمان فان الكافر مخلد فى عذاب النيران ومحروم من رضوان وثواب الرحمن سواء اوفى الكيل والميزان او سلك سبيل الخوّان ان كنتم مصدقين لى فى مقالتى لكم { وما انا عليكم بحفيظ } اى ما بعثت لاحفظكم عن المعاصى والقبائح وانما بعثت مبلغا ومنبها على الخير وناصحا وقد بلغت

من آنجه شرط بلاغست باتو ميكويم توخواه از سخنم بند كير وخواه ملال

اعلم ان العدل ميزان الله فى الارض سواء كان فى الاحكام او فى المعاملات والعدول عنه يؤدى الى مؤاخذة العباد فينبغى ان يجتنب اظلم والمراد بالظلم ان يتضرر به الغير والعدل ان لا يتضرر منه احد بشيء ما قال عكرمة اشهد ان كل كيال ووزان فى النار قيل له فمن اوفى الكيل والميزان قال ليس رجل فى المدينة
يكيل كما يكتال ولا يزن كما يتزن والله تعالى يقول
{ { ويل للمطففين
} وقال سعيد بن المسيب اذا اتيت ارضا يوفون المكيال والميزان فاطل المقام فيها واذا اتيت ارضا ينقصون المكيال والميزان فاقل المقام فيها وفى الحديث "ما ظهر الغلول فى قوم الا القى فى قلوبهم الرعب ولا فشا الزنى فى قوم الا كثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع الله عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق الافشا فيهم الدم ولا ختر قوم بالعهد الا سلط الله عليهم العدو" قوله ولا ختر اى غدر ونقض العهد كما فى الترغيب.
وفى التأويلات النجمية
{ { ولا تنقصوا المكيال والميزان } اى مكيال المحبة وميزان الطلب فان للمحبة مكيالا وهو عداوة ما سوى الله تعالى كما قال الخليل عند اظهار الخلة فانهم عدولى الارب العالمين فانك ان تحب احدا وشيأ مع الله فقد نقصت فى مكيال محبة الله وان للطلب ميزانا وهو السير على قدمى الشريعة والطريقة كما قيل خطوتان وقد وصلت فان خطوت خطوتين دونهما فقد نقصت من الميزان انتهى.
فعلى السالك ان يتأدب بآداب الاولياء والانبياء ويضع القدم فى هذا الطريق الاولى كما امر به وشرط له ولا بد من الامانة والاستقامة وايتاء كل ذى حق حقه قائما بالعدل والقسط القويم وازنا بالقسطاس المستقيم كائلا بالكيل السليم فعند ذلك يتفضل له المولى بالقبول والمدح فى الدنيا والثواب والانعام فى الآخرة فيعيش سعيدا واما اذا غدر وظلم وخان واستكبر واصر يعدل له المولى بالرد والذم فى الدنيا والعقاب والانتقام فى الآخرة ان لم يتداركه الفضل والعفو فيعيش شقيا ويموت شقيا ويحشر شقيا: وفى المثنوى

جون ترازوى توكثر بود ودغا راست جون جوئى ترازوى جزا
جونكه باى جب بود درغدر وكاست نامه جون آيد ترادر دست راست

جون جزا سايه است اى قد توخم
سايه توكز فتد در بيش هم